ABDUL HAMID MUDJIB HAMID BERSHOLAWAT

Kamis, 24 Maret 2011

Keutamaan Ziyaroh keharibaan Rosululloh SAW

فضل زيارة الرسول
=================

أولاً: مشروعية زيارته صلى الله عليه وسلم :

اتفقت الأدلة الشرعية على استحباب زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الزيارة من أقرب الوسائل لنيل شفاعته صلى الله عليه وسلم.

وقد ذكرنا سابقاً قول الله تعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ...الخ}. وأن هذه الآية تُظهرُ كمالَ فضل زيارته دون فرق بين قريب الدار وبعيدها ولا بين زيارتهِ صلى الله عليه وسلم في حياته ولا بعدَ وفاتِه، فإن من زاره بعد وفاتِه كمن زاره في حياته. وهي نص طيبٌ للترغيب بزيارتهِ والسفرِ إليه واستغفارِ الله من عنده وطلبِ شفاعته. وقد قلنا بأن هذه الآية وان كانت قد نزلت بسببٍ خاص إلا أن العبرةَ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السبب.

وفي آيةٍ أخرى يقول الله تعالى{وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (100 النساء) وهذه الآية وان لم تكن نصاً في الزيارةِ إلا أنه استناداً للقاعدةِ السابقة فلا شكَ أن زيارته صلى الله عليه وسلم لا سيما من الأماكنِ البعيدةِ، من الهجرة إلى الله ورسوله. وقبل الدخولِ في التفصيل أودُ أن أورد الأحاديث النبوية الشريفة التي تتعلق بزيارته صلى الله عليه وسلم:



أخرج أبو داودَ بسندٍ صحيحٍ عنه صلى الله عليه وسلم قال (ما من أحدٍ يسلمُ عليَّ إلا رد اللهُ عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام).



وروى الدارقُطني والبيهقيُ عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صـلى الله عليه وسـلم (من زارَ قبري وجبت له شفاعتي).

وروى الطبراني والدارقُطني عن ابنِ عمرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من جاءني زائراً لا تحمله حاجةٌ إلا زيارتي كان حقا علي أن أكونَ له شفيعاً يوم القيامة).

وروى الدارقُطني في السننِ والطبرانيُ والبيهقيُ عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي).

وروى العُقيلي مرسلاً عن رجلٍ من آل الخطاب قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم(من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة).

وروى الدارقُطني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي).

ومن المعروف والمعلومِ من هذه الأحاديثِ وأحاديثَ أخرى أنه صلى الله عليه وسلم حيٌ على الدوام، إذ من المُحالِ أن يخلوَ الوجودُ كلُه من واحدٍ يسلمُ عليه في ليلٍ أو نهارٍ. فنحن نؤمنُ ونصدقُ بأنه صلى الله عليه وسلم حي يرزقُ وأن جسدَه الأطهر لا تأكلهُ الأرضُ وكذا سائرُ الأنبياء، والإجماعُ على هذا. وكذلك العلماءُ والمؤذنونَ والشهداء. وقد كشِفَ عن أكثر من واحدٍ من العلماءِ العاملينَ والأولياءِ والشهداء فوجِدوا لم تتغير أجسادُهم. {وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} (154 البقرة).

ولما حفرَ معاويةُ رضي الله عنه العينَ التي استنبطها بالمدينة وذلك بعد أُحدٍ بنحوِ خمسين سنة، ونقل الموتى أصابت المسحاة قدم سيدنا حمزةَ عمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فسالَ منها الدم.

وقد جمعَ البيهقيُ جزءاً في حياة الأنبياء في قبورِهم واستدلَ بكثيرٍ من الأحاديث أهمُها الحديث الصحيح (الأنبياءُ أحياءٌ في قبورهم يُصلّون). يشهد له حديثُ مسلمٍ (مررتُ بموسى ليلةَ اسري بي عند الكثيبِ الأحمرِ وهو قائمٌ يصلي في قبره). وإمامةُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالأنبياءِ ليلةَ الإسراء تشهد لهذا المعنى.

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم (ردَّ اللهَ عليَّ روحي) أنه لا يُسلِّمُ عليه أحد من زائريه إلا في حال كون روحهِ الطاهِرة مردودةً إليه وهي قطعاً لا تفارقهُ أبداً، ولكن على غيرِ الصورةِ التي يعهدُها الناس ويألفونَها في هذه الحياة، فهم أحياءٌ عند ربهم كما الشهداء. {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (169 آل عمران). وثبوتُ حياةِ الأنبياء من باب أولى وذلك مسلّمٌ به منطقاً وعقلاً، وإن شوهدت أجسادُهم في قبورِهم خاليةً منها عاريةً عنها مثلهُم في ذلك مَثَلُ النائمِ يَغَطُّ في نومه وهو يشاهد عجائبَ في الملكوتِ، ويكتسبُ أسراراً ينتفع بها، ويحدثك عنها بعدَ يقظته من نومه. ومعلوم انه لا يخلو وقتٌ من الأوقاتِ ولا لحظة من اللحظات إلا وكثير من أمته يصلون ويسلمون عليه في صلواتِهم وغيرها ويصلهُ علم ذلك بواسطة الملَك الذي يبلغه صلاة أمته وسلامها عليه فيدعو لمن يصلي عليه ويرد السلامَ على من يسلمُ عليه منهم.

ويشرع شدُ الرحالِ إلى مسجده الذي شَرُفَ بوجود قبره صلى الله عليه وسلم فيه. ففي الحديث الصحيح (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى). والحديث صريح في اعتبارِ أن المسجد إنما شَرُفَ بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى ابنُ عساكرَ بسندٍ جيد عن أبي الدرداءِ رضي الله عنه قصةَ نزول بلالِ بن رباحٍ في داريّا بعدَ فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال: (ثم إن بلالاً رأى النبي صلى الله عليـه وسلم وهـو يـقول له: ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني؟ فانتبه حزيناً خائفاً فركب راحلته وقصدَ المدينةَ فأتى قبرَ النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلَ يبكي عندهُ ومرّغ وجهه عليه. فأقبل الحسنُ الحسينُ فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا: نشتهي أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. فعلا سطح المسجد ووقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال الله أكبر، ارتجت المدينة فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله، ازدادت رجتها، فلما قال أشهد أن محمداً رسول الله خرجت العواتق من خُدورهن وقالوا بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما رُئي يومٌ أكثر باكياً ولا باكيةً بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم).

فليعلم المرءُ أن من أعظم فضائِل زيارته صلى الله عليه وسلم أن زائره إذا صلى وسلم عليه عند قبره سمعه سماعاً حقيقياً ورد عليه من غير واسطة. بخلاف من يصلي أو يسلم عليه من بُعد فإن ذلك لا يبلغه ولا يسمعه إلا بواسطة. والدليل على ذلك ما جاءَ عنه صلى الله عليه وسلم بسند جيد (من صلى عليَّ عند قبري سمعته ومن صلى عليَّ من بُعد أُعلمته) وفي روية (ما من عبد يسلم عليَّ عند قبري إلا وكَّل الله به ملكا يبلغني).

وأخرج ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم وقال هذا حديث حسن صحيح على شرط البخاري وصححه النووي في أذكاره عنه صلى الله عليه وسلم قال (من أفضل أيامكم يوم الجمعةِ فيه خـلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقةُ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ. قالوا يا رسول الله وكيف تُعرض صلاتُنَا عليك وقد أرمت (يعني بليت) قال إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)
إن الأنبياء بحق أحياءٌ في قبورهم. ويسن السلام عليهم عند قبورهم ومع البعد عنها، وقد جاء عن ابن المسيب ما يثبت ذلك وهو أن يزيد بن معاوية، لما حاصر المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وقتل من أهلها من قتل حتى خلا المسجد الشريف عن إقامة الصلاة فيه مدة، قال ابنُ المسيب: (كنت فيه وما كنتُ أعلم دخول الأوقات، إلا بسماع الأذان والإقامة من داخل القبر المكرم). ومما يثبت حياتهم البرزخية أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (مررتُ بموسى ليلة اسري بي وهو قائم يصلي في قبره). ثم لنعلم بأن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة.

ولنتيقن ونحن نقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حيٌ يسمعُ صوتنا وتوسلنا وشغفنا به وسؤالنا منه أن يشفع لنا إلى ربه حتى يرضى عنا ويعطينا ما هو أهله من خيري الدنيا والآخرة.

وليعلم الزائر أيضاً انه يستحب لمن زار النبي صلى الله عليه وسلم أن يقف للدعاء مستقبلا القبر الشريف فيسأل الله تعالى ما يشاء من الخير والفضل ولا يلزمه أن يتوجه إلى القبلة، ولا يكون بوقوفه ذلك مخالفاً للشرع، وقد نص العلماء على هذا الأمر بل قد ذهب بعضهم إلى القول بالاستحباب. والأصل في هذا الباب هو قصة الإمام مالك بن أنسٍ لما ناظره أبو جعفر المنصور في المسجد النبوي (ارجع إليها في باب التوسل): (إلى أن قال أبو جعفر يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. فقال الإمام مالكٌ ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة!؟ بل استقبله واستشفع به فيشفّعه الله. وذكر الآية {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ} (64 النساء)).

ثم تأمل معي حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته حتى بعد وفاته. قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه «السنن» (باب ما أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته) حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرُ بنُ مالكٍ النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال: (قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال ففعلوا فمطرنا مطرًا حتى نبت العشب وسمنت الإبل وتفتقت من الشحم فسمي عام الفتق). فهذه القصة تدفع دعوى كل المنكرين لحياته في قبره الشريف صلى الله عليه وسلم وتـثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بأمته في قبره حتى بعد وفاته. روى الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين أنه ثبت إن أم المؤمنين عائشة قالت: (كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأضع ثيابي وأقول إنما هو زوجي وأبي. فلما دفن عمر معهما فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة حياءاً من عمر). ولم تعمل عائشة هذا باطلا بل هي تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه يعلمان من هو عند قبورهم.

ثانياً: آداب الزائــر:

على الزائر إذا أراد زيارة النبي صلى الله عليه وسلم إخلاص النية لله، وينوي التقرب بالزيارة، ويعزم السفر، ويزداد بالعزم شوقاً وشغفاً وحباً لقربه صلى الله عليه وسلم، وكلما ازداد دنواً من طيبة ازداد غراماً وحنواً، إذ من لازم حبه صلى الله عليه وسلم كثر شـوقه إليه. ثم في الطريق أكثر من الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم وأشغل معظم وقته في ذلك وغيره من القربات، ثم إذا دنا من حرم المدينة المنورة فليزدد خضوعاً وخشوعاً، ويستشعر قبوله ويستشعر استقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم له في حماه وحرمه. مما يدفعه لزيادة الصلاة والسلام وترديدهما. حتى إذا بلغ حرم المدينة فليقل بعد الصلاة والتسليم (اللهم إن هذا هو الحرم الذي حرمته على لسان حبيبك ورسولك صلى الله عليه وسلم فحرمني على النار وأمّني من عذابك يوم تبعث عبادك وارزقني ما رزقته أولياءك وأهل طاعتك). ثم ليغتسل ويلبس أنظف ثيابه ويتطيب. ثم إذا تراءت له القبة الخضراء فليستحضر عظمتها وتفضيلها وأنها البقعة الشريفة التي تظل جسد أشرف خلق الله كلهم، ثم تراب طيبة يتمثله في خاطره ويتمثل مواقع أقدامه الشريفة عند تردده عليه جيئةً وذهابا وأنه ربما يطأ تراباً وطأه صلى الله عليه وسلم بقدمه الشريفة، مع خشوعه وسكينته، ثم ليحذر أن يحبط الله عمله بسوء أدبه في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه، وليسأل الله تعالى أن يهبه لقاء نبيه في الدنيا قبل الآخرة.

ثم يستحب له أن يقدم صدقة بين يدي نجواه قبل الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ليقع في خاطره أنه على أرض هي محط نظر الله ورعايته وانه آتي مهبط أبي الفتوح جبريل، ومنـزل أبي الغنائم ميكائيل، وموضع الوحي والتنـزيل، فليمسك قلبه بيديه داعيا إياه للخشوع والخضوع ثم ليفرغ قلبه وليصفي ضميره (فقلبك بيت المالك وهو أغير منك ياسالك)[1] ثم إذا صار في المسجد سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بُعد، ثم لينوي الاعتكاف وإن قل زمانه، ثم يتوجه إلى الروضة الشريفة خاشعاً غاضاً طرفه غير مشغول بالنظر إلى شيء من زينة المسجد وغيره وهذا مقتل فليُحذر، مستحضراً هيبة ووفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا بانكسار وخضوع وافتقار فيقف في الروضة الشريفة مصلى الحبيب صلى الله عليه وسلم إن استطاع وإلا ففي المكان الأقرب ويصلي التحية ركعتين خفيفتين يقرأ فيهما (قل يا أيهـا الكافـرون) والإخلاص وليسجد بعدها سجدة شكر خالصة لله تعالى أن مكّنه من الزيارة، وليحذر رفع الصوت في المسجد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (2-3 الحجرات).



وفي البخاري ان عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه قال لرجلين من أهل الطائف (لو كنتما من أهلِ البلدِ لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقال أبو بـكر الصديق (لا ينبغي رفعُ الصوت على النبي لا حياً ولا ميتاً). وان عائشة رضي الله عنها (كانت إذا وُتِدَ الوتد أو ضرب المسمارُ في بعض الدور المطيفةِ بالمسجدِ النبوي الشريف ترسلُ إليهم أن لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم).



ثم اعلم أنه صلى الله عليه وسلم يتأذى ممن لا يراعي كمال الأدب معه لأنه صلى الله عيه وسلم حيٌ في الدارين. ثم يتوجه إلى الحجرة الطاهرة المطهرة مستعيناً بالله مستحضراً الأدب بهذا الموقف المهيب غاضاً طرفه واضعاً يمينه على شماله مستقبلاً الوجه الشريف. وليست هناك صيغة محددة للسلام عليه صلى الله عليه وسلم، فللزائر أن يأتيَ بالصيغة التي يشاء ويكفية أن يقول السلام عليك يا رسول الله، وله أن يأتي بكل أنواع التمجيد والمديح وذكر فضائله صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي يريد. ثم يقول السلام عليك يا أبا بكرٍ الصديق، وله أن يأتي بذكر مناقبه رضي الله عنه. ثم يقول السلام عليك يا أبا حفصٍ عمر، وله أن يأتي بذكر مناقبه رضي الله عنه.

وإذا وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فليستحضر زيارته واستقباله له كما لو كان يزورهُ حياً، ولا يقترب من قبره إلا كما يقتربُ منه لو كان على وجه الأرض، ثم ليغض الطرف وليحذر أن يشتغل فكره ونظره بشيء من زينة المكانِ فإنه صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام الغزالي (عالمٌ بحضورك وقيامك وزيارتك له فمثّل صورته الكريمة في خيالِكَ موضوعاً في اللحدِ بإزائِك وأحضر عظيمَ رتبته في قلبك).

وإياك إياك أن تستدبرَ القبر لا في الصلاة ولا في غيرها. وابتعد عن ذاك المكان وقت الصلاة ولا تُصَلِّ إلى القبر، فلا تجعل حجرته الشريفة وراء ظهرك ولا بين يديك. ولتكن زيارتُك بإطراقٍ كاملٍ واحترامٍ. وإياك أن تخوض فيما نهيتَ عنه في مجلسه، وإن رأيت نفسك تنـزلق لذلك فأخرج من المكان حالاً لأن ذلك خير لك.

ثم إذا مررت بالحجرةِ الشريفةِ ولو من خارج المسجدِ فقف وسلم. حدث أبو حازم (أن رجلا أتاه فحدثه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي حازم (أنت المارُ بي معرِضا لا تقف تسلم علي) فلم يدع ذلك أبو حازم منذ بلغته الرؤيا).

وعليه أن يكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وأن يحرص على أداء الصلوات الخمسِ في المسجدِ جماعةً لقوله صلى الله عليه وسلم (صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام). وهذا التفضيل يعم الفرض والنفل لله كما قال النووي (وهذا التفضيلُ أيضاً يعمُ المسجد القديمَ وما أضيفَ إليه من جديدٍ الآن وقبل الآن). فقد روي عنه صلى الله أنه قال (لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي) ثم ليكثر الصلاة في روضته الشريفة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح مرفوعا (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة). شريطة أن لا يزاحم ولا يؤذي أحداً حتى لا يخرج عن أدب الزيارة من الصمت والتسامح. ويستحبُ له ختم القرآنِ العظيمِ فيه، لما أخرج سعيدُ بنُ منصور عن أبي مخلد قال كانوا يحبون لمن أتى المساجد الثلاثة أن يختم فيها القرآن قبل أن يخرج، قال المجد (ويديم النظر إلى الحجرة الشريفة فإنه عبادةٌ قياساً على الكعبة وإذا كان خارج المسجد أدام النظر إلى القبة الخضراء).

ثم يستحبُ له الخروجُ إلى البقيع بعد السلامِ على النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغردق ولا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. ثم يُبقي حالة قلبه وخشوعِه وانكساره طيلةَ إقامته في المدينة. ويستحب له أن يتصدق فيها ما أمكنه. وإذا نوى العودةَ إلى دياره فليودع الحرمَ بركعتين بالمصلى النبوي أو ما قرُبَ منه ويدعو بما شاء ثم يقول: اللهم لا تجعله آخر العهد بهذا المحل الشريف. ويأتي الحجرة الطاهرة ويسلم ويدعو بما تقدم ثم يعود القهقرى متألماً حزيناً على الفراق ساكباً العبرات متصعداً الزفرات متعلق القلب بالعودة لتلك الديار. معاهداً الله تعالى على طاعته على الدوام والتزام أمره وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم محافظاً على ما عاهد الله عليه غير ناكث ولا مفرط.

ياخير من دفنت بالقاع أعظمـه فطابت من طيبهن القاع والأكـم

نفسي الفداء لقبر أنت سـاكنه فيه العفاف وفيه الجـــود والكـرم


سيدتنا فاطمة الزهراء
================================

[1] . من كلام سيدنا عبد الرحمن الشريف في نصائحه الرحمانية.
 

Tidak ada komentar:

Posting Komentar