ABDUL HAMID MUDJIB HAMID BERSHOLAWAT

Senin, 20 Juni 2011

Biografi Al-Syeikh Ahmad Al-Rifa'iy RA

سيدي أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه

هو أحمد محي الدين أبو العباس المعروف بالرفاعي الواسطي دفين أم عَبيدة، قرب واسط بها قبر السيد أحمد الرفاعي، والرفاعي نسبة إلى واحد من أجداده اسمه رفاعة، وهو جدُّه السابع واسمه الحسن ولكن غلب عليه لقب رفاعة، وقدهاجر جدُّه من مكة لما غلب الجور على الأشراف، ونزل المغرب، وعلا أمره وانتشر صيته، وعمَّت بركته وكثُرت ذريَّته، وبقي نسله بالمغرب إلى زمن السيد يحي جدِّ السيد أحمد الكبير(الذي هاجر إلى مكة ومنها إلى البصرة، فتزوَّج بنت أبي سعيد النجاري الأنصاري، فأنجب السيد علي والد السيد أحمد فنشأ السيد علي في بيت العلم وقرأ القرآن حفظاً وتجويدا، وتلقَّى العلوم الشرعية عن إمام وقته الشيخ يحيي النجاري الأصلي، وبرع واشتهر ورمقته أبصار رجال عصره بالتعظيم وشهد له الشيوخ الأكابر بالسلطنة في مقام الولاية، وتزوَّج بالأصيلة المعمِّرة السيدة فاطمة النجارية الأنصارية فأنجب منها سيِّد العارفين ذي المدد الرحماني السيد أحمد الرفاعي.

نسبه الشريف

قال السيد محمد أبو الهدى الرفاعي (هو السيد أحمد ابن أبي الحسن علي بن يحي بن ثابت بن الحازم بن يحي بن علي بن الحسن الملقَّب برفاعة المكي بن المهدي بن أبي القاسم محمد بن الحسن بن الحسين بن موسى الثاني بن إبراهيم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العا بدين علي بن الإمام المشهور زبدة السادة الأئمة وعمدة قائد الأمة الذي امتحن بأنواع المحن والبلاء أمير المؤمنين أبي عبد الله الحسين الشهيد بكربلاء ابن الإمام الأكبر صاحب المناقب والمفاخر الكبرى الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه.) والمعلوم أنَّ أصحاب هذا النسب الطاهرهم أعيان الخلق في الباطن والظاهر وما أحسن قولَ الشاعر فيهم:

يا أيُّها الرجلُ المحمِّلُ رحلَه هلا نزلتَ بـآلِ عبدِ منافِ

هبلتك أمُّك لو نزلتَ برحلِهم منعوك من عُدمٍ ومن إقراف

الخالطين غنيَّهم بفقــيرهم حتى يعـودَ فقيرهم كالكافي

وقد شفع هذه النسبة باتباعه لسنَّة المصطفى فجمع بين القرابتين الصورية والمعنوية ، والطينية والدينية.

ذكر السيد فخر الدين أبو بكر العيدروس رضي الله عنه في كتابه النجم الساعي >أنَّ القطب الرباني سيدنا عبد القادر الجيلاني قدَّس الله سرَّه ورضي عنه كان عند السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه فوقع في خاطره أثناء المصاحبة سؤالٌ من السيد أحمد الرفاعي فسأله قائلا: يا سيِّدي أنتم من ولد الرسول ونسبُكم هاشمي فلأيِّ شيء وصفتم بالرفاعي؟ فقال السيد الكبير رضي الله عنه: نسبة إلى جدي علي بن رفاعة من أبناء الإمام علي كرَّم الله وجهه فالحمد لله. وقال رجل موصلي للشيخ عبد الرحمن الحدادي رضي الله عنه: يا سيِّدي إني رأيت بعض كتب التاريخ ذكر نسبة الشيخ عبد القادر الجيلاني وسكت عن نسبة السيد الرفاعي مع أنه عربي الأصل، وقد قال بعض علماء فارس أن الشيخ عبد القادر فارسيُّ النسب فقال الشيخ رضي الله عنه:اكفف يا ولدي عن الخوض واعلم أن من كَتَبَ التاريخَ سكت عن نسبة الاثنين إلا أنَّ بعض الصوفيَّة ذكر نسبة الشيخ عبد القادر حرصاً عليه لكيلا يَطعن في نسبه من لا علم له، لما اشتهر عنه أنه من العجم، وهو رجل فاطميٌّ لا شكَّ في نسبته إلى الجدِّ الأعظم رسول الله ، سكن أجداده فارس إلى زمانه رضي الله عنه، وأما نسبة السيد أحمد الرفاعي إلى العترة النبوية الشريفة فهي ثابتة.

وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ إذا احتاجَ النهارُ إلى دليلِ

مولده رضي الله عنه

ولد رضي الله عنه يوم الخميس في النصف الأول من شهر رجب عام 215 من الهجرة النبوية،جاء في كتاب الطبقات للشيخ الشعراني وترياق المحبين للشيخ تقيّ الدين وغيرهما من الكتب المباركة: أن الشيخ منصور البطايحي قدس الله سرَّه رأى رسول الله في المنام وهو يقول له: أبشِّرك يا منصور أن الله يهب أختك بعد أربعين يوما ولدا يسمى أحمد الرفاعي، مثلما أنا رأس الأنبياء يكون هو رأس الأولياء، وحين يكبر فخذه واذهب به إلى الشيخ علي القاري الواسطي، وأعطه له كي يربيه، فإن هذا الرجل عزيز عند الله، ولا تغفل عنه.قلت: الأمر أمركم يا رسول الله عليك الصلاة والسلام، فكان الأمر كما قال. وروي عن الشيخ أبي بكر الهمداني أن رجالا سألوه عن السيد أحمد الرفاعي، فأخبر ثم بشَّر بما يكون على يد سيدي أحمد من البيِّنات والأحوال فقال: ما أقول في رجل يخرج من موش المزابل رجالا لا يعلمهم إلا الله تعالى، تتحيَّر فيهم العقول والألباب ! فقالوا له: ما هو موش المزابل؟ فقال لهم: منهم شارب الخمر، وقاطع الطريق، وقاتل النفس وفاسق يتوبون على يديه، فيغيِّر صفاتِهم ويصلح أمورهم ويخرج منهم رجالا صالحين.

وشبَّ رضي الله عنه على أحسن حال، حتى أنه كان في حالة صغره لا يجلس مع الصبيان إلا قليلا، ويألف مجالس الشيوخ، ومحافل القرآن والدروس ويتلقَّى عن العارفين، ويعمل بنصائحهم ولا يفارقهم، وقد شَهِد له أكابر الرجال وهو صغير بالولاية الكبرى. قرأ القرآن وهو صبيٌّ على الشيخ العارف علي بن القاريء الواسطي فصنع شخص طعاماً ودعا إليه الشيخ وأصحابه وجماعة من المشايخ وكان معهم مغني فشرع ينشدهم بدفٍّ في يديه فلما طرب القوم وتواجدوا قام السيد أحمد الرفاعي إلى المغني وكسر الدف، فالتفت المشايخ إلى الشيخ علي بن القاريء وقالوا له: هذا صبيٌّ صغير ما لنا معه مطالبة والمطالبة عليك، فقال لهم الشيخ ابن القاري: اسألوه فإن أتى بالجواب وإلا عليَّ المطالبة. فالتفتوا إليه وقالوا له: لم كسرت الدف؟ فقال لهم: اسألوا المغني يخبركم بما خطر بباله. فاتَّبعوا المغني وسألوه عما خطر بباله وهو يغني، فقال لهم: إني كنت البارحة عند قوم يشربون فسكروا وتمايلوا كتمايل هؤلاء المشايخ، فخطر أن هؤلاء كأولئك، فلم يتمَّ خاطري حتى قام هذا الصبي وكسر الدف. فعند ذلك نهض المشايخ إلى سيدي أحمد الرفاعي وقبَّلوا يديه.

وذكر تقي الدين الواسطي في كتابه ترياق المحبين أن مما أكرم الله به سيدي أحمد أنه كان مرة واقفاً بين الصبيان في حال صغره فمرَّ به جماعة من الفقراء العارفين، فلما رأوه ساعة وقفوا ينظرون إليه ساعة ثمَّ قال أحدهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله ظهرت هذه الشجرة المباركة.، وقال الثاني: عن قليلٍ تتفرع.وقال الثالث: عن قليل يشمل ظلها ويعمُّ نفعها. قال الرابع: عن قليل يكثر ثمرها ويُشرق قمرها.قال الخامس: عن قليلٍ يرى الناس منها العجب. قال السادس: عن قليلٍ يعلو شأنها ويظهر برهانها.قال السابع: كم يغلق لها باب، ويظهر لها أصحاب. والسيد أحمد رضي الله عنه يسمع كلامهم ولا يدري لمن يشيرون.، ثم انصرفوا وهم متحيِّرون.وقال الإمام الهمام قاسم بن الحاج في كتابه أمُّ البراهين : أن الشيخ منصور البطايحي الرباني رضي الله عنه لما أخذته الغيرة حالة اطلاعه على مقام السيد أحمد الرفاعي وهو لا يزال تلميذه نودي في سرِّه: يا منصور تأدَّب معه هذا السيد أحمد حبيبنا، نظهره على غوامض غيوبنا، يا منصور هذا السيد أحمد نائب الدولة المحمدية، وعروس المملكة المصطفوية، وهو شيخ جميع الأمة وشيخك فقل نعم، قلت: نعم، فقال: نحن نتصرَّف بملكنا كما نشاء، فقلت: نعم نعم، ثم قمتُ فأخذتُ العهد على يديه فأنا شيخه بالخرقة وهو شيخي بالخلق والخلفة.

وكان السيد منصور الرباني خال السيِّد أحمد في زمانه شيخ شيوخ جميع عصره وبصحبته تخرَّج السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه و شرب كأسه وتربى بتربيته ولبس خرقته وخلفه في مشيخة الشيوخ. وقيل بعد ذلك مرض الشيخ منصور رضي الله عنه مرض الوفاة فطال مرضه، وأيقن أصحابه وخواصُّه من أهل الكشف بدنوِّ أجله فصاروا يقولون: من يكون بعد الشيخ منصور؟ وكلٌّ منهم يقول أنا، وكان بينهم فقير أشعث أغبر لا يُعبأ به، وهو منكوس الرأس،فلما طال بينهم الجدال، وكثر المقال، رفع رأسه ذلك الفقير وقال: لقد قلتم فأكثرتم، وها أنا مخبركم بمن يكون بعد الشيخ، قالوا: هات فأخبرنا إن كان عندك خبرٌ أو علم، فقال لهم: يكون بعده الشيخ أحمد الرفاعي، فقالوا له: نريد الدليل على صحة قولك، فقال: بيني وبينكم الشيخ منصور، فدخلوا عليه وسلَّموا وهو مغشيٌّ عليه، فأخبروه بما قال لهم الفقير وكان يسمى ابن مريم فقال السيد منصور: القول ما قاله ابن مريم.قيل ولما أراد الشيخ منصور أن يجعل سيِّدنا أحمد الرفاعي خليفة له قالت زوجته وولداه وبعض محبيه: إنَّ ميراث الأب لا يكون إلا للابن ولا يكون لابن الأخت، فقال لهم الشيخ: إني رأيت شيئا وإن شئتم أريته لكم، فقالوا له: أرِنا،، فجمع الشيخ منصور أولاده وأحبابه، وأعطى لكلِّ واحد من ولديه سكيناً ودجاجة، وأعطى لسيِّدي أحمد كذلك سكيناً ودجاجة، وقال كلٌّ منكم يذهب بسكينه ودجاجته إلى مكان خال، ما فيه أحد ويذبح دجاجته فيه،ويأتيني بها مذبوحة، فراح كلٌّ منهم إلى جبل وذبح دجاجته وجاء بها مذبوحة، إلا سيِّدي أحمد فجاء بدجاجته حيَّة،قال له: يا أحمد لأي شيء جئت بها بلا ذبح؟ فقال: يا سيِّدي شرطتم عليَّ خلوَّ المكان وكلُّ مكان ذهبت إليه وجدته مشغولا بالله تعالى وهو حاضر ناظر، وما رأيت مكانا خالياً قط ! فقال سيدنا منصور رضي الله تعالى عنه: أنتم تريدون لمحبوبيكم والله يريد لمحبوبه.ثم ألحوا عليه مرة ثانية فأعطى رضي الله عنه كلّ واحد منهم منجلا من حديد وقال لهم: اذهبوا وهاتوا لي نجيلا من حشيش الغيط، فراح كلُّ واحد من أولاد الشيخ وحصد كلُّ واحد حملا وجاء به، إلا سيِّدي أحمد فإنه جاء خاليا، فقال له: يا أحمد لم جئت خاليا؟ قال: إني كلَّما أمسكت الحشيش وجدته يذكر الله تعالى فما حصدته حرمة لتسبيحه لله، فقال لهم السيد منصور: أما ظهر لكم أن عناية الحق مع سيِّدي أحمد؟ فقالوا: بلى، فقال لهم: والله وجِّهوا وجهة العبودية إلى محبته، وأظهروا الخدمة والملازمة في فناء عتبته، فإنه سيشيع اسمه ورسمه في آفاق الدنيا، ويظهر أمره في الأرض والسماء. فمن ذلك اليوم شاعت أخباره في العالم وفشت أسراره، وسار إليه الناس من البلاد والأقطار وعمَّتهم بركته.ولما أراد الله إظهار أمره في أم عبيدة في القرية السعيدة استمر سنة يُحيي فيه الليالي ويقري الضيف والوارد، ويردُّ الله على يديه الشارد، لا ينطق بحرف، قيل ولما ظهر فضل سيِّدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه وفاح طيبه، كان يتردد إلى أبواب الصالحين، ويتبرَّك بهم، ويتواضعُ لهم ويذكر فضلهم، ويظهر ذكرهم ويعظِّم شأنهم، وكان يكثر التردد إلى زيارة سيِّدي عبد الملك الخرنوبي قدَّس الله روحه، وكان يزوره في كلِّ سنةٍ مرة، فإذا قضى وطره منه وأراد الخروج يسأله الدعاء والوصيَّة، فلما كان في بعض السنين سأله الوصية بعد ما قضى وطره وأراد الخروج، فقال له: يا أحمد احفظ ما أقول لك؛ يا أحمد متلفِّت لا يصل، ومتسلِّل لا يفلح، ومن لا يعرف من نفسه النقصان فكل وقته نقصان، قال ثمَّ رجع من عنده وبقي سنة يرددها على نفسه، ما خطر له خاطر إلا ذكرها، ثمَّ إنه زاره في السنة الأخرى وأقام عنده ما طاب،،ثمَّ ودَّعه وأراد الخروج من عنده فقال له: يا سيِّدي أوصني، فقال له: يا أحمد ما أقبَّح العلَّة بالأطباء، والجهل من الألبَّاء، والجفا من الأحباء.قال فخرجت من عنده وودعته وبقيت سنة أرددها على نفسي، فلما كان في السنة الثالثة، زرته وأقمتُ عنده الذي قسم الله تعالى، وأردت الخروج من عنده، فقلت له: يا سيِّدي أوصني، فقال لي: يا أحمد لاترجع تزورني، ولا تجيء إليَّ فما بقي لك حاجة إلي ولا إلى غيري ولا إلي أحد من خلق الله تعالي فرجع الي ام عبيدة وشدت اليه الرحال وتحير فيه اهل الاحوال

------------------------------

السيد الشيخ احمد الرفاعي (رضي الله عنه)
باب في ذكر ولادته ونشأته المباركة

في كيفية ولادته ونشأته


وسنذكر في هذا الباب أبحاث لطيفة تذكر بعض بشارات إنبات عن ظهوره وإشراق نوره منها ما ذكره الشيخ أبو بكر العدني العيد روسي في كتابه النجم الساعي إن الشيخ منصور البطائحي (رضي الله عنه) رأى رسول (الله صلى الله عليه وسلم) في المنام وهو يقول له : يا منصور أبشرك إن الله تعالى يعطي إلى أختك بعد أربعين يوما ولدا يكون اسمه احمد الرفاعي مثل ما انا رأس الأنبياء كذلك هو رأس الأولياء وحين يكبر فخذه واذهب به إلى الشيخ علي القاري الواسطي واعطه له كي يربيه لان ذاك الرجل عزيز عند الله ولا تغفل عنه ، فقلت الأمر أمركم يا رسول الله( عليك الصلاة والسلام ) ، وكان الأمر كما ذكر (صلى الله عليه وسلم) وروي ان الشيخ أبا بكر الهمداني( رضي الله عنه ) انه كان ذات يوم جالسا يحدث اصحابه ويرغبهم في ما عند الله تعالى ، فقام اليه جماعة من الفقراء وسألوه عن رجال البطيحة واحوالهم فاجابهم الى ذلك وجعل يحدث كل واحد على قدر ما يفهم حاله وما راه الله تعالى فذكرو له رجال الشيخ منصور (رضي الله عنه) فقال لهم : رجال الشيخ منصور كثيرا ، فقال له : اخبرنا عن السيد احمد بن أبي الحسن الرفاعي ،فقال لهم : ما اعرفه فاقسمو عليه بالعزيز سبحانه فقال :اذا ذكر الانبياء عليهم الصلاة والسلام فحدثوا عنهم وفيهم ، واذا ذكر المصطفى( صلى الله عليه وسلم )فخا موش أي سكوت وهي كلمة فارسيه ، وكذلك اذا ذكر الاولياء رضي الله عنهم فحدثو عنهم فلا احد يقدر ان يردكم الا هذا الرجل فانه لا يقدر احد أن يصف من وصل اليه ، فعند ذلك خاموش لان نعمه الله عليهم واسعة سابغة ،ثم قال لهم :اي ساده ما اقول في رجل يخرج من موش المزابل رجال لا يعلمهم الا الله تعالى تتحير فيهم العقول والألباب ، قال : فتحير أصحاب الشيخ أبي بكر وقالوا له اي سيدنا اخبرنا ما هو موش المزابل ، فقال لهم : منهم شارب الخمر وقاطع الطريق وقاتل النفس وفاسق يتوبون على يده، فيغير صفاتهم ويصلح أمورهم ويخرج منهم رجال صلحا .
قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام تاج الدين عبد الوهاب ألسبكي الشافعي رحمه الله في طبقاته حين ترجمه سيدنا الشيخ الكبير المشار اليه : كان مولده في المحرم سنة خمسمائة وبع ذلك أطنب واطال في ذكره ( رضي الله عنه ) الا ان السيد عبد الرحيم والشيخ ابا بكر العيد روسي وغيرهما ذكرو باتفاق المحققين من الرجال الرفاعية ان ولد رضي الله عنه في النصف الاول من شهر رجب الذي هو من شهور سنة الخمسمائة واثني عشر يوم الخميس وكانت ولادته في قرية حسن من اعمال البصرة عام وفاة خليفة بغداد احمد المستظهر بالله العباسي ،وشب رضي الله عنه على احسن حال حتى انه كان حالة صغره لا يجلس مع الصبيان الا قليلا ويالف مجالس الشيوخ ومحافل القران والدروس ، ويتلقى عن العافين ويعمل بنصائحهم ولا يفارقهم ،وقد شهد له أكابر رجال البطائح وهو صغير بالولاية الكبرى وأكثر الثناء عليه
وقد ذكر سيدنا تقي الدين الو اسطي في كتابه (ترياق الحبين) ان مما أكرم الله به هذا الولي الصالح انه كان مرة واقفا بين الصبيان في حال صغره فمر به جماعه من العارفين فلما رأؤوه واقفا وقفوا أمامه وجعلوا ينضرون إليه ثم قال احدهم : لا اله الا الله محمد رسول الله ظهرت هذه الشجرة المباركه ، فقال الثاني: عن قليل تفرع ، فقال الثالث: عن قليل يشمل ضلها ويعم نفعها ، فقال الرابع : عن قليل يكثر ثمرها ويشرق قمرها ، فقال الخامس : عن قليل يرى الناس منها العجب ويكثر نحوها الطلب ، فقال السادس : عن قليل يعلو شانها ويظهر برهانها ،فقال السابع : كم يغلق لها باب وكم يظهر لها أصحاب ، والسيد احمد ( رضي الله عنه ) يسمع كلامهم ولا يدرى لمن يشيرون ثم انصرفوا وهم متحيرون
وكان سيدنا الشيخ منصور البطائحي ( رضي الله عنه ) يعتني به كثيرا ويربيه تربية محمدية حتى نشأ بين يديه وصار من اكابر القوم ( رضي الله عنه ) وكان يلقن الناس في عهد خاله وشيخه الشيخ منصور الناس الدروس الشرعية من فقه وتفسير وحديث ولما اراد الله اظهاره في ام عبيدة استمر سنة يعمل فيها الجمع والمحيا ويقري الضيف والوارد ويرد الله على يديه الشارب، ثم بعد ذالك مرض سيدي الشيخ منصور ( رضي الله عنه ) مرض الوفاة فطال مرضه وايقن اصحابه وخواصه من اهل الكشف والعيان في بعض المواضع خلوه ، فجعلوا كلامه في ذكر حاله ومقامه وما شهد له به الشيخ منصور ( رضي الله عنه ) وكانو لصلاح احوالهم وصفاء قلوبهم لا يكتمون احوالهم لما عندهم من سلامة الصدور ،يقولون من يكون بعد سيد الشيخ منصور وكل منهم يقول انا اكون الشيخ ، وكان بينهم فقير اشعث اغبر لا يعبأ به وهو منكوس الراس على ركبتيه لا ينطق بحرف فلما طال الجدال بينهم وكثر المقال رفع راسه ذلك الفقير وقال لقد قلتم فاكثرتم وها انا مخبركم بمن يكون بعد الشيخ ، فقالو: هات فاخبرنا ان كان عندك خبرا او علم، فقال لهم : بعده يكون الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي المقري فضحكوا عليه وقالو له : نريد الدليل على صحت قولك، فقال لهم :بيني وبينكم هذا الولي يعني به الشيخ منصور،فقالو : نريد منك الدليل حتى نرجع الى الشيخ منصور، فقال لهم : ما قلت لكم هذا القول حتى درت جميع المواضع والمقامات فلم ارى حكوف الطير ونزول النوال الا على ام عبيدة فعلمت ان الامر قد سلم اليه وزمام الطريق بيديه ثم قال : انهم بعد ذلك نهضوا واسرعوا الى الشيخ منصور( رضي الله عنه ) فدخلوا اليه وسلموا عليه وجلسوا حواه وهو مغشي عليه ، فلما افاق حدثوه بما جرى بينه فقال لهم الشيخ منصور اي شي قاله لكم الفقير ابن مريم؟ فقالو له:قال لنا عن السيد احمد المقري فقال لهم : القول ما قاله ابن مريم فاعرفوه فقالوا له يا سيدي نريد الدليل فعند ذلك اخبرهم بالذي قاله ابن مريم من انعطاف الطير ونزول النوال ويكفي شاهدا هذه الاحوال
وذكر الشيخ احمد الزاهد ابن الشيخ منصور البطائحي ( رضي الله عنه ) جماعه من الاولياء فلمى انتهى الى ذكر السيد احمد الرفاعي قال : كان صاحب اسرار خارقة واحوال وماواجد ملازما قراءة القرآن غلب عليه محبة الله ، محبوه ومريدوه كلهم مرادون من جانب الحق تعالى ،واذا حضر واحدا منهم مجلسا سلب قلوب اهله وجلب محبتهم اليه باذن الله تعالى ، وقد شرفه (صلى الله عليه وسلم) بان اعطاه اسماء متعددة تدل على شرفه بين الاولياء منها : السيد احمد الرفاعي وسلطان العارفين وسيد المشائخ وصلاح الدين ومحيي الدين واحمد الكبير وابو صالح وابو الصفاء . وهو ( رضي الله عنه ) من بني هاشم فقراؤه ومريدوه وموازينهم في طريق الفقر ارجح موازين الفقراء واهل الاحوال ، ولا تنقطع فقراؤه ولا مريدوه الى يوم القيامة باذن الله تعالى لان عليه نضرا خاصا من جده سيد المرسلين عليه افضل صلوات رب العالمين وما وصل الى هذه الرتبه الى ببركته (صلى الله عليه وسلم) فانه فرع شجرته الزكية الطاهرة العلية رضي الله عنه وعن اولياء الله الصالحين
وذكر السيد العارف بالله الشيخ ابو بكر العيدروسي العدني في كتابه النجم الساعي ان السيد احمد بن زنكي يقول ان سيدنا السيد احمد الرفاعي كان احسن اهل زمانه طفلا ويافعا وكهلا وشيخا وما كان يجلس حال طفوليته مع احد من الناس سوى الفقيه ابي اليث الحراني ( رضي الله عنه ) ، وكان كلما كبر يلتحق بالمعروفين بين الناس بالصلاح والتقوى وقد تولى امر تربيته الشيخ علي القارئ الواسطي وسلكه الطريق واخذ عليه العهد الوثيق وتلقى عنده علوم الشرع وكشفت له باذن الله ايام صحبته علوم الحقائق والدقائق وكان سيدي علي الواسطي القارئ هذا شيخ العلماء واهل الخرقة في البطيحة وواسط وكان القوم في عصره يذكرونه بمنزلة المساوات مع سيدي منصور الرباني خال سيدي احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) وكان سيدي منصور هذا في زمانه شيخ الشيوخ جميع عصره وبصحبته تخرج سيدي احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) وتربى بتربيته ولبس خلقتة وخلف في مشيخة الشيوخ ، انتهى كلامه العالي بتصرف . وذكر سينا الشيخ عبد الوهاب الشعراني في مننه ما نصه : سال جماعة الشيخ ابا المنذرالمهتدارجي رضي الله تعالى عنه عن سيدي احمد بن الرفاعي فقال : لا اقدر ان اشرح لكم حاله فقالوا له : لا بد ان تخبرنا بشيء من احواله فقال : ماذا اقول في رجل ما اعترف قط لنفسه بمقام ولا قدر ولا خطر له غير ربه ولا رضي لنسه التنعم شيء من الدنيا في يوم من الايام ، كلما ازداد قدرا ومقاما عند الله تراه يزداد ذلا ومسكنة لله ولخلقه وكان الاشياخ يقولون : اعضم الاولياء في عصرنا هذا قدرا الشيخ احمد ابن الرفاعي في البطيحه وابو محمد بن عبد الله بالبصرة ، قيل لهم فاي الرجلين اعلى ؟ قالوا : احمد ابن الرفاعي كان قطب الاقطاب. انتهى كلامه العالي بتصرف

وذكر في ام البراهين ايضا ما حكاه الشيخ الخطيب ( رضي الله عنه ) قال : قدم بلدنا في بعض السنين رجل يقال له الاصهب من بلاد الشام ، وكان كبير القدر عضيم الشأن وفي صحبتة خلق كثير ، وكان رجلا مبصرا وكان الوقت معسرا فاجتمعت به وخدمته واصحابه وبقي عندي ايما فقال : اي خطيب تقدر ان تجمع بيني وبين سيدي الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) في خلوة اذن انحدرت معك اليه ؟ فقلت له : نعم فلما سمع كلامي نهض قائما على قدميه وقال لي : قم بنا ننحدر اليه قال: فقمت معه وانحدرنا الى ام عبيدة ودخلنا على الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) فوجدنا عنده الناس فاخبرته فقال : سمعا وطاعة ثم انه اخذ بيد الرجل الى بيت ماهان خادم الشيخ الكبيرالسيد احمد الرفاعي ( رضي الله عنه )، ثم جمعت بينهما خلوة فلم اجتمعنا وسلم كل واحد منهما على صاحبه سلا المعرفة كما قال القائل :

عروف بسري سرها وبغربتي تغربها والشكل بالشكل عارف
ثم انهما تحثا زمنا طويلا فلما ارادا ان يفترقا قال الاصهب : اي سيدي اهل السماوات واهل الارض متوقفون ان تسال الله في حق الخلق ، قال : فالتفت الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي اليه وقال له : اي مبارك لايؤآخذك الباري لا تعلمني الغلط ، الرجل يسأل من لايعلم ويخبر من لايدري ويفهم من لايفهم اي مبارك اليس هو مطلعا على خلقه ويعلم خائنة الاعين وماتخفي الصدور؟ فقال له الاصهب بلى اي سيدي فقال له اي مبارك اول ما يهلك حميد وذريته ان يعارض الله فيما يصنع في مملكته ثم نهض من عند سيدي الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) وخرج الينا ووقع يخور بنفسه ويبكي ويقول ما سمعنا ولا نسمع ولا رأينا ولا نرى انه جاء رجل أو يجيء مثل هذا الرجل ، ثم أننا خرجنا وسرنا حتى بعدنا عن أم عبيدة بقليل فقال لي اي خطيب خذ لي العهد من هذا الرجل حتى لايفوتني ، قال : فأخذت عليه العهد ثم قال لي أي شيخ أبو بكر قلت لبيك ، قال : قل عني أن هذا آخرا لقوم شرابا وأولهم قدما ثم سرنا حتى وصلنا إلى أصحابه فحدثهم بما جرى له مع سيدي الشيخ الكبير السيد احمد الرفاعي ( رضي الله عنه ) ، ثم أمرهم بزيارته والسلام عليه والتوبة على يده ثم انه التفت الي وقال لي اي شيخ أبا بكر اعلم أن هذا الرجل ختم الله به الولاية كما ختم بسيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) النبوة ، ثم انه تنفس نفسا فقضى نحبه ولحق بربه في تلك الساعة ( رضي الله عنه ) ومثل هذا كثير ذكره الصوفية الكرام في طبقاتهم فلا حاجة للإطناب في هذا الباب فان ماشهد له الأئمة الأخيار وبشربه صدور الدين الأبرار شهدت له به أخلاقه الكريمة وقامت بتأييده واستقامته وهمته العظيمة ، فرضي الله عنه وعن أولياء الله أجمعين ونفعنا بهم آمين

أخلاقه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم رحم الله خلفائي ثلاث مرات. قيل: من هم خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنَّتي ويعلمون بها عباد الله تعالى وهكذا كان السيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه؛ كان غنيَّ النفس حسن المعاشرة، دائم الإطراق، كثير الحلم، هيِّن المؤنة لا يكلِّف أحداً بشيء كاتما للسر، حافظاً للعهد كثير الدعاء للمسلمين، هيِّناً يصل من قطعه، ويعطي من منعه، ويعفو عمن ظلمه، ويحسن مجاورة من جاوره ويصفح عن سيِّئات الإخوان، يأخذ بأيدي العميان ويقودهم، وإذا خاطب أحدا يقول له يا سيِّدي كبيراً كان أو صغيرا، ويتردد إلى أبواب الأرامل والمساكين،ويحمل لهم الطعام ويغسل ثيابهم. وكان لا يرى الاشتغال بشيء من أمور الدنيا، طلب مرةً ماء يشربه ثم أذن الأذان، وأتي به فأبى أن يشربه وقال: حضر حقُّ الحق وبطل حق النفس، ولا يحتقر ما قدِّم إليه ولو كان تمراً فاسدا ومرَّ يوماً بصبيان يتخاصمون ، فأصلح بينهم ثمَّ قال لأحدهم: ابن من أنت؟ قال له الصبي: ولم تسأل؟ فقال له: يا ولدي جزاك الله خيرا وجبرك كما أدَّبتني، فالسيد أحمد الرفاعي حسب سؤاله للصبيِّ دخولا فيما لا يعنيه. وكان إذا أكل في ظرف غسله وشرب ماءه، وكان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا غُسِل ظرف من طعام يقول الظرف للغاسل: طهَّرك الله كما طهَّرتني من الشيطان وإذا شرب ذلك الماء كان شفاء من المرض والبرص والجذام.

وكان يربي بحاله أكثر مما يربي بمقاله، وكان إذا سأله أحد أن يدعو على الظلمة، يقول اللهم أصلحهم وألهمهم طاعتك وذكرك ووفقهم لما تحب وترضى برحمتك يا أرحم الراحمين. وقال صاحب البراهين: كان السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم خياركم الذين إذا رأيتموهم ذكرتم الله تعالى وإذا رأوكم ذكروكم الله تعالى فكان رضي الله تعالى عنه إذا رآه غافلٌ ذكر الله وإذا رآه محسن ازداد وتنوَّر.

قال خادمه ماهان: خدمت السيد أحمد الرفاعي سنين عديدة فما رأيته ترك أحداً يبدأه بالسلام، ولا ردَّ أحداً خاليا، ولا رأيته عاب شغلا عملته ولا قال لي قط لشيءٍ لم اعمله لم لا تعمله ، ولا جفاني ولا حرَّد عليَّ يوماً قط.

وروي أن رجلا من أم عَبيدة صنع طعاماً ودعا إليه السيد أحمد فلما وصل إلى بابه قال له الرجل: ارجع فرجع ، ثم دعاه ثانياً فلما وصل قال له: ارجع فرجع، ثم دعاه ثالثاً فلما وصل أدخله الدار وفرش له وأكرمه ثُمَّ كشف عن رأسه وجلس بين يدي السيد أحمد وقال له: يا سيدي استغفر الله تعالى مما جرى مني، ووالله ما رأيت أحداً على هذا الطريق الذي أنت سالكه، فقال له السيد أحمد الكبير: يا ولدي ما كان إلا الخير، أتستكثر عليَّ خصلة من خصال الكلب ! ثم خرج وهو عنه راضٍ.

ونقل أن السيد أحمد الرفاعي دخل إلى حظيرة البقر والناس نيام فوجد لصا، فلم رآه اللص فزع منه، فعلم السيد أحمد أن اللص فزع منه، فدنا منه وقال له: يا سيدي يا مبارك، لا بأس عليك ما عندك إلا الخير، يا ولدي هذه بقر الفقراء وهي عجاف بل تعال خلفي حتى أدلك على ما ينفعك ثم أتى به إلى مطية هي ملكه، فقال له: يا ولدي حلَّ هذه المطية وخذها قبل أن يأتي الفقراء فيأخذونها منك.فحلَّها وأخذها وهو خائف أن يكون السيد أحمد يستهزيء به، ثم حرسه حتى عبر من أم عَبيدة، ثمَّ أراه الطريق وقال له: خذ هذا الدرب إلى دقلى، فهناك تجيء القوافل فبعها وأنفق ثمنها على نفسك وعيالك، فذهب إلى دقلى وباع الناقة وأنفق ثمنه وأصلح آله، ثمَّ تفكَّر في حلم السيد أحمد فجاء إليه وأخذ العهد على يديه وصار من الصلحاء

من كراماته رضي الله تعالى عنه

له الكرامة المعروفة عند الحجرة الشريفة جاء في قلادة الجواهر أن الشيخ عز الدين عمر الفاروثي رضي الله عنه قال: كنت مع سيدي أحمد الرفاعي الحسيني رضي الله تعالى عنه عام 555 العام الذي قدر الله له فيه الحج فلما وصل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلَّم وقف تجاه حجرة النبي علي الصلاة والسلام وقال على رؤوس الأشهاد: السلام عليك يا جدي. فقال عليه الصلاة والسلام: وعليك السلام يا ولدي، سمع ذلك كل من في المسجد النبوي ـ فتواجد السيد أحمد وأرعِد واصفرَّ لونه ثمَّ جثا على ركبتيه ثمَّ قام وبكى وأَنَّ طويلا وقال: يا جداه:

في حالة البُعدِ روحي كنتُ أُرسِلها تقبِّلُ الأرضَ عني وهي نائبتـي

وهـذه دولة الأشـباح قد ظهرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

فمدَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة العطرة من قبره الأزهر المكرَّم فقبَّلها في ملأ يقرب من تسعين ألفاً والناس ينظرون إلى اليد الشريفة.وقال السيد عبد القادر الجيلي قدَّس الله سرَّه كنت في محفل الكرام التي أُكرم بها السيد أحمد الكبير الرفاعي بتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الشيخ عدي بن مسافر عن خادمه ابن موهوب رضي الله تعالى عنهما: كنا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عام حجنا وكان الشيخ أحمد الرفاعي الكبير واقفا تجاه الحجرة الطاهرة وقد تكلَّم بكلمات ضبطها عنه جماعة فما أن أتمَّ كلامه حتى مُدَّت له يد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فقبلها ونحن ننظر مع الحاضرين.وقال ابن موهوب رضي الله عنه: والله كأني بها يد بيضاء سوية طويلة الأصابع كأنها البرق المضيء، وكأني بالحرم وأهله وقد كاد يميد، وقد كادت تقوم قيامة الناس لما ألمَّ بهم من الدهش والحيرة والهيبة والسلطان المحمدي. وقد سئل الإمام الجلال السيوطي رضي الله عنه عن هذه الكرامة فقال:

وقع السؤال عن مد يد النبي . من القبر الشريف إلى الوليِّ الكبيروالإمام الشهير السيد أحمد بن السيد الرفاعي رضي الله عنه؛ هل هو ممكن أم لا، وهل أسانيد هذه الرواية المشهورة عالية صحيحة، والجواب عن السؤال المذكور حررته بهذا الكتاب وسمَّيته الشرف المحتَّم فيما من به الله على وليِّه السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه من تقبيل يد النبيِّ المعظَّم.، وأوّل ما أقول إن حياة النبي. هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا قطعا، لما قام عندنا الأدلة في ذلك وقام بذلك البرهان، وصحَّت الروايات وتواترت الأخبار وقد كتبت في حياة الأنبياء كتابا مخصوصاً وبسطت فيه الأدلّة والأخبار، وها أنا أذكر لك بعضاً منها ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي مرّ بقبر موسى علي السلام وهو قائم يصلِّي فيه، وأخرج أبو يعلى في مسنده عن أنس أن النبي قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلُّون. ولا يخفى أن الله جمع لنبيِّنا وسيدنا مرتبة النبوَّة والشهادة بدليل ما أخرجه البخاري والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها أن النبيّ كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: لم أزل أجدُ ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السُّم. فثبت كونه عليه الصلاة والسلام حياً بنصِّ قوله تعالى {ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون}. والأنبياء أولى بذلك من الشهداء ونبيُّنا أولى من جميع الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين لما منَّ به الله عليه من المعالي الفائقة والخصائص الزكية، وقد رأى نبينا محمد جماعة منهم وأنهم في الصلاة.وخبره صدق أن صلاتنا معروضة عليه وأن سلامنا يبلغه، وأنه يردُّ على من يسلِّم عليه السلام. وكان سعيد ابن المسيّب في أيام وقعة الحرة التي هوجمت فيها المدينة وعطِّل الأذان والجماعة لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة يسمعها من قبر رسول الله وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن سعيد بن المسيب قال: لم أزل اسمع الأذان والإقامة من قبر رسول الله في أيام الحرة حتى عاد الناس.. قد تقرر أن ما جاز للأنبياء معجزة جاز للأولياء كرامة بشرط عدم التحدي، فخروج يد النبي لسيدي أحمد الرفاعي ممكن ولا يشكُّ فيه إلا ذو زيغ وضلالة أو منافق طبع الله على قلبه.

ونقل أن السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه رأى في المنام مرة أن الغلاء يأتي إلى الخلائق مدة ثلاث سنين، لا يزيد الماء ولا تمطر السماء حتى تأكل الناس الميتة وتموت الناس على الطرقات جوعاً ، وكان الشيخ الفقيه علي بن نصر بينه وبين الشيخ صحبة مؤكدة وكان كثير العيال، فبينما هو في بيته إذ رأى السيد الرفاعي وليس معه أخ من الفقراء، فقصَّ عليه رؤياه وعرض عليه أن يشتري من الغلة في الرخاء ما يكفيه لتلك المدة، فقال الفقيه: لا والله لا فعلت ذلك وكيف أشبع وجاري جائع؟، فقال السيد أحمد الرفاعي: يا علي أحسنت، بارك الله فيك وجزاك الخير فأين غلتكم التي لكم في البيت؟ فقال: في الغرفة. قال: خذني إليها. فصعد معه إليها، فوضع السيد أحمد الرفاعي يده فيها وقال: بسم الله الرحمن الرحيم.، ثم قال: يا علي لا تترك أحداً يصعد إلى الغلة ويأخذ منها إلا زوجتك وحدها تأخذ حاجتها.. فقال السمع والطاعة. ثم خرج السيد أحمد الرفاعي من البيت وودع الفقيه، ثم أتى الغلاء والقحط على الناس كما رأى السيد أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه، فلم يزل الفقيه وأهله يأكلون من تلك الغلة مدة الغلاء وبقيت بحالها إلى زمن الرخص.

روي أنه كان في زمن السيد أحمد الرفاعي رجل من الصابئين (هم قوم يشبه دينهم دين النصارى إلا أن قبلتهم نحو مهبِّ الجنوب ويزعمون أنهم على دين نوح) وكان قد فقد بعض دوابِّه وماشيته ولم يعرف لها خبر فخرج في طلبها، فوصل في طريقه إلى أم عبيدة فدخلها ليلا، وكان قد مكث ثلاثة أيام لم يذق طعاما لأن الصابئين لا يأكلون من خبز المسلمين ويحرمونه على أنفسهم، وكانت تلك الليلة شديدة الظلمة والبرد، فدخل الرواق وقد أضر به الجوع والبرد، فألقى نفسه بين الفقراء ونام، فأظهر الله تعالى السيد أحمد الرفاعي على حاله، فجاء في الحال، فقعد عند رأسه وأيقظه فانتبه منزعجا مرعوبا، وقال: يا سيدي ما تريد مني أنا فقير غريب، قال: ما قصدت أن أزعجك يا ولدي إنما أظنك جائعاً، ثم أمره أن يمضي معه إلى المنزل، فقام ومشى معه، فلما دخل المنزل أحضر له دقيقا وسمكاً وتمراً وركوةً جديدة للماء، وأمره أن يمضي بنفسه ويملأ الركوة من ماء دجلة ويغسل السمكة، فمضى الرجل وغسل السمكة وأتى بماء وشرع في عجن الدقيق، وأما السيد الرفاعي فإنه أحضر حطباً ووضعه في التنُّور، وأوقد النار فقام الرجل وعجن الخبز وخبزه وشوى السمكة وأكل ثمَّ أمره السيد الرفاعي أن يأخذ الباقي معه، ثم خرج السيد الرفاعي أمامه رجاء أن يجد سفينة يصل فيها الرجل إلى أهله، فوجد سفينة فيها ملاحون فقال لهم السيد أحمد الرفاعي: تأخذون هذا الفقير معكم إلى موضع كذا وتأخذون أجرتكم ووصاهم به فأخذوه فلما وصل إلى القرية، سألوه عما جرى له فأخبرهم بقصته مع السيد أحمد الرفاعي ثم قال لهم: ماهذا إلا رجل كريم على ربِّه وإني داخل في دينه، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فاتبعه أهله في الحال وأسلموا فلما أصبحوا خرج على بني عمه وعشيرته وكان من كبرائهم فأخبرهم فاجتمعوا وأسلموا على يديه، وكشف الله الغمَّة عن قلوبهم وكل ذلك ببركات سيدي أحمد الرفاعي رضي الله تعالى عنه وأفاض علينا وعلى كافة محبيه من1 بركاته وحشرنا بفضله في زمرنه.

=========================

Tidak ada komentar:

Posting Komentar