الدكتورة سعاد الحكيم :
حصرت الدكتورة سعاد الحكيم معنى البرزخ عند
الشيخ بثلاثة استعمالات رئيسة وهي :
أولاً
: استعمل ابن عربي ( البرزخ ) بمعناه الديني ، الذي يوحي بالمكان ، البرزخ عالم
نفارق إليه بالأجساد في حال الموت ، ونفارق إليه بالأرواح أو الأنفس في حال النوم
، فهو عالم خيال متجسد ، وهو المنـزل الأول من منازل الآخرة .
يقول
الشيخ : « البرزخ هو المنـزل الأول من منازل الآخرة »([1])
.
ويقول
: « البرزخ هو الذي تصير إليه بعد الموت الأصغر والأكبر معاً إن كنت من أهل السلوك
، وإلا فبعد الموت الأكبر إن كنت من غيره »([2])
.
ويقول
: « البرازخ مواطن الراحات ، ألا ترى أن الله جعل
النوم سباتاً أي راحة ، لأنه بين الضدين الموت والحياة ، لا حي ولا ميت »([3])
.
ثانياً
: عندما يستعمل ابن عربي لفظ ( برزخ ) غير معرف ، يقصد به حقيقة أو مرتبة لها عدة
صفات : هي مرتبة الجامع الفاصل بين عالمين أو حالين أو مرتبتين أو صفتين … هما في
الواقع متناقضتان ، وهذا البرزخ الجامع الفاصل ، استفاد ابن عربي
صفته ( الفاصلة ) من المعنى اللغوي للكلمة ، وأضاف صفته ( الجامعة ) الإيجابية التي انفرد بها . فالبرزخ عنده يقابل الطرفين المتناقضين بذاته ، يجمع في ذاته حقيقتهما ويقابلهما بوجهيه دون أن ينقسم بل يبقى في وحدته . يقول ابن عربي :
صفته ( الفاصلة ) من المعنى اللغوي للكلمة ، وأضاف صفته ( الجامعة ) الإيجابية التي انفرد بها . فالبرزخ عنده يقابل الطرفين المتناقضين بذاته ، يجمع في ذاته حقيقتهما ويقابلهما بوجهيه دون أن ينقسم بل يبقى في وحدته . يقول ابن عربي :
«
بين كل موطنين من ظهور وخفاء يقع تجلي برزخي ... ليحفظ هذا البرزخ وجود الطرفين ،
فلا يرى كل طرف منها حكم الطرف الآخر ، والبرزخ له الحكم في الطرفين ... فالعالم
بين الأبد والأزل : برزخ به انفصل الأبد من الأزل ، لولاه ما ظهر لهما حكم ولكان
الأمر واحداً لا يتميز »([4])
.
ثم
تعقب الدكتورة قائلةً :
لن
نستطيع أن نعدد البرازخ عند ابن عربي فهذا ما لا يمكن أبداً ، لأن كل جامع فاصل
بين مطلق أمرين هو برزخ .
فعالم
المثال برزخ بين عالم الأرواح المجردة وعالم الأجساد .
وعالم
النبات برزخ بين الحيوان والمعدن .
والنفس
برزخ بين حكمي الفجور والتقوى .
والخيال
برزخ ، لأنه لا موجود ولا معدوم ، ولا معلوم ولا مجهول ، ولا منفي ولا مثبت ...
وسنكتفي بأن نورد نصاً لأبن عربي يتناول أحد أنواع البرازخ وهو الثبوت ، فالثبوت
برزخ بين الوجود والعدم ، وقد اخترنا الثبوت لما له من الأهمية عند الشيخ الأكبر ،
يقول :
«
فما من متقابلين إلا بينهما برزخ لا يبغيان ، أي لا يوصف أحدهما بوصف الآخر ، الذي
به يقع التمييز ... فهو الحال الفاصل بين الوجود والعدم ، فهو لا موجود ولا
معدوم ، فإن نسبته إلى الوجود وجدت فيه رائحة لكونه ثابتاً ، وإن نسبته إلى العدم
صدقت ، لأنه لا وجود له ... ثم إن هذا البرزخ الذي هو الممكن بين الوجود والعدم سبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته »([5]) .
معدوم ، فإن نسبته إلى الوجود وجدت فيه رائحة لكونه ثابتاً ، وإن نسبته إلى العدم
صدقت ، لأنه لا وجود له ... ثم إن هذا البرزخ الذي هو الممكن بين الوجود والعدم سبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته »([5]) .
ثالثاً : عندما يستعمل ابن عربي لفظ ( برزخ )
معرفاً غير مضافاً يشير به
إلى ( حقيقة الإنسان ) التي جمعت بذاتها الصورتين : الحقية والخلقية ، فكانت نسختين ذات نسبتين ، نسبة تدخل بها إلى الحضرة الإلهية ، ونسبة تدخل بها إلى الحضرة الكونية ، فهي برزخ بين العالم والحق وهي مرتبة الإنسان الكامل . فالبرزخية هنا وظيفة الإنسان الكامل ، الحد الجامع الفاصل بين الظاهر والباطن ، بين الحق والخلق . يقول ابن عربي :
إلى ( حقيقة الإنسان ) التي جمعت بذاتها الصورتين : الحقية والخلقية ، فكانت نسختين ذات نسبتين ، نسبة تدخل بها إلى الحضرة الإلهية ، ونسبة تدخل بها إلى الحضرة الكونية ، فهي برزخ بين العالم والحق وهي مرتبة الإنسان الكامل . فالبرزخية هنا وظيفة الإنسان الكامل ، الحد الجامع الفاصل بين الظاهر والباطن ، بين الحق والخلق . يقول ابن عربي :
«
إن الحضرة الإلهية على ثلاث مراتب : باطن وظاهر ووسط ، وهو ما يتميز به الظاهر عن
الباطن وينفصل عنه ، وهو البرزخ ، فله وجه إلى الباطن ووجه إلى الظاهر ، بل هو
الوجه عينه فإنه لا ينقسم ، وهو الإنسان الكامل أقامه الحق برزخاً بين الحق
والعالم فيظهر بالأسماء الإلهية فيكون حقاً ، ويظهر بحقيقة الإمكان فيكون خلقاً »([6])
..([7])
.
ومن أقوال الشيخ الأكبر في تعريف البرزخ
:
· « البرزخ : هو العالم المشهود بين عالم المعاني
وعالم الأجسام »([8])
.
·
« البرزخ : هو أمر فاصل بين معلوم وغير معلوم ، وبين معدوم وموجود ، بين
منفي ومثبت ، وبين معقول وغير معقول ، سمي برزخاً اصطلاحاً ، وهو معقول في نفسه
وليس إلا الخيال ، فإنك إذا أدركته وكنت عاقلاً تعلم أنك أدركت شيئاً وجودياً وقع
بصرك عليه ، وتعلم قطعاً بدليل أنه ما ثم شيء رأساً وأصلاً ، فما هو هذا الذي أثبت
له شيئية وجودية ونفيتها عنه في حال إثباتك إياها ، فالخيال لا موجود ولا معدوم ،
ولا معلوم ولا مجهول ، ولا منفي ولا مثبت ، كما يدرك الإنسان صورته في المرآة يعلم
أنه أدرك صورته بوجه ويعلم قطعاً أنه ما أدرك صورته بوجه »([9])
.
· « البرزخ : هو ما قابل الطرفين بذاته وأبدى لذي
عينين من عجائب آياته ما يدل قوته ويستدل به على كرمه وفتوته ، فهو القلب الحوّل
والذي في كل صورة يتحول ، عولت عليه الأكابر حين جهلته الأصاغر فله المضاء في
الحكم ، وله القدم الراسخة في الكيف والكم ، سريع الاستحالة يعرف العارفون حاله ،
بيده مقاليد الأمور ، وإليه مسانيد الغرور ، له النسب الإلهي الشريف ، والمنصب
الكياني المنيف ، تلطف في كثافته ، وتكثف في لطافته ، يجرحه العقل ببرهانه ،
ويعدله الشرع بقوة سلطانه ، يحكم في كل موجود ، ويدل على صحة حكمه بما يعطي الشهود
ويعترف به الجاهل بقدره والعالم ، ولا يقدر على رد حكمه حاكم »([10])
.
[1]
- الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج4 ص 282 .
[2]
- الشيخ ابن عربي – مخطوطة أسرار الخلوة – ورقة 240 ب .
[3]
- الشيخ ابن عربي - الفتوحات المكية – ج 2 ص 46 .
[4]
- الشيخ ابن عربي - الفتوحات المكية – ج 3 ص 108 .
[5]
- المصدر نفسه – ج3 ص 47 .
[6]
- الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج 2 ص 391 .
[7]
- د . سعاد الحكيم – المعجم الصوفي – ص 192 – 194 ( بتصرف ) .
[8]
- الشيخ ابن عربي – كتاب اصطلاح الصوفية – ص 16 .
[9]
- الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج1 ص 304 .
[10]
- الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية - ج 4 ص 328 .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar