« بقي الشيء : دام وثبت »([1])
.
وردت
هذه اللفظة في القرآن الكريم (21) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : ] ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ [([2]) .
يقول
: « البقاء : هو الحضور مع الحق »([3])
.
يقول
: « البقاء : بقاء رؤية قيام الله في الأحكام »([4])
.
يقول
: « البقاء : هو بقاء رؤية العبد بقيام الله له في قيامه
لله قبل قيامه لله بالله »([5])
يقول
: « البقاء : هو بقاء الطاعات »([6])
.
«
البقاء : هو اسم لما بقي قائماً بعد فناء الشواهد وسقوطها »([7])
.
يقول
: « البقاء : بقاء الطاعات ، ويكون بقاء رؤية العبد قيام الله
سبحانه على كل شيء »([8])
.
يقول
: « البقاء : هو ما لا يكون إلا
مع اللقاء ، لأن البقاء الذي ليس معه
فناء لا يكون إلا مع اللقاء الذي ليس معه انقطاع ، وهذا لا يكون إلا كلمح البصر أو
هو أقرب »([9])
.
يقول : « البقاء : هو عبارة عن وجود الأوصاف المحمودة ، فإذا بقي العبد
بربه محقق بحقوقه وتفرد إلى دوام شهوده ، تم البقاء ، بقاء للعبد بشاهد الإلهية .
فإذا فني العبد عن أوصافه أدرك البقاء بتمامه ، فالبقاء استعمال علم الرضى ، فمن
لم تصحبه العبودية في الفناء والبقاء فهو مدعٍ »([10])
.
[ إضافة ] :
وأضاف الشيخ
قائلاً : « ومن العباد أقوام أول ما دخلوا في حقائق البقاء مع الله U
فنوا عن كل شيء حتى يثبتوا معه ، ثم بدت عليهم حقائق من الله U ، فأفنتهم عن رؤية بقائهم مع الله
U بشاهد بقاء الله تعالى لهم ، وبدت
عليهم حقائق من سلطان الهيبة والجلال ، ففنوا عن رؤية البقاء بشاهد علم الفناء ،
ثم بدت عليهم حقائق التحقيق حيث لا حقائق موجودة غير أنها حقائق محت آثار رؤية
العلم فيهم ، ثم لهم أوقات يفنون عن الفناء بالبقاء حتى لا يشهدوا فناء ولا بقاء
فيكلأهم الله U كلاءة الطفل
الوليد . واعلم أنه لا يحصل للعبد درجة البقاء . إلا بعد فناء نفسه عن المألوفات ،
وزوال الآثام والتبعات ، وتوفر الحسنات ، وملازمة آداب العبودية والطاعات ، ثم
الفناء اسم لما بقي قائماً بعد فناء الشواهد وسقوطها »([11])
.
يقول
: « البقاء ... رؤية العبد قيام الله على كل شيء من عين الفرق »([12])
.
البقاء : هو آخر حالة الطاعة ([13])
.
يقول
: « البقاء : صفة ثَبْت ما عند نفي السوى »([14])
.
يقول : « البقاء … هو بقاء الصفات
المحمودة بعد فناء الصفات المذمومة .
وقال
بعضهم : هو الذي يكون في مقام لا يحجبه الحق عن الخلق ولا الخلق عن الحق ، بخلاف
الفناء فإن صاحبه محجوب بالحق عن الخلق »([15])
.
يقول
: « البقاء : هو الانسلاخ عن وجود كان بالعبد إلى وجود يصير بالحق »([16])
.
يقول
: « البقاء : هو أن يفنى عما له ، ويبقى بما لله »([17])
.
يقول : « البقاء : هو مرآة التجلي
كما أن الفناء بساط التخلي »([18])
.
يقول
: « البقاء : هو عبارة عن سلب العدم اللاحق .
يقول
: « البقاء : رؤية الخلق للحق »([19])
.
يقول
: « البقاء : شجرة ثمرتها سعادة الدارين »([20])
.
يقول
: « البقاء : بداية السير في الله »([21])
.
البقاء : هو ما يعقب الفناء ، وهو
أن يفنى عما له ، ويبقى بما لله ، فتكون كل حركاته في موافقة الحق دون مخالفته ([22])
.
البقاء : هو السير في الله ، وهو
عبارة عن الحركة العلمية في مراتب الوجوب : من الأسماء ، والصفات ، والشؤون ،
والاعتبارات ، والتقديسات ، والتنـزيهات ، إلى أن تنتهي إلى مرتبة لا يمكن التعبير
عنه بعبارة ، ولا يشار إليها بإشارة ، ولا تسمى باسم ، ولا يكنى عنها بالكناية ، ولا يعلمها عالم ، ولا يدركها مدرك
([23])
.
يقول
: « البقاء : هو الرجوع إلى شهود الأثر بعد الغيبة عنه ، أو شهود
الحس بعد الغيبة عنه بشهود المعنى ، لكنه يراه قائما بالله ونورا من أنوار تجلياته
»([25])
.
ويقول
: « البقاء : شهود خلق بحق »([26])
.
[
إضافة ] :
ويضيف
الشيخ قائلاً : « إذ لولا الحس ما ظهرت المعنى ، ولولا الواسطة ما عرف الموسوط ،
فالحق تعالى تجلى بين الضدين بين الحس والمعنى ، وبين القدرة والحكمة ، وبين الفرق
والجمع ، فالغيبة عن أحد الضدين فناء ورؤيتها بقاء . فالغيبة عن الحس وعن الحكمة
وعن الفرق فناء ، وملاحظتهما معا بقاء . فالبقاء اتساع في الفناء بحيث لا يحجبه
جمعه عن فرقه ، ولا فناؤه عن بقائه ، ولا شهود القدرة عن الحكمة ، بل يعطي كل ذي
حق حقه ، ويوفي كل ذي قسط قسطه . وقد يطلق الفناء على التخلي والتحلي فيقال : فنى
عن أوصافه المذمومة وبقى بالأوصاف المحمودة »([27])
.
يقول
: « البقاء : هو الخروج عن فناء المشاهدة إلى بقاء المعرفة ، من غير
أفول يخل بشمس المشاهدة ، ولا رجوع إلى شواهد الحس ، إنما هو استصحاب القرب
باستئناس الروح ، فهو ... يرقى عن الضعف
عن حمل أعباء الوصل والوهن لواردات الحق »([28])
.
يقول : « البقاء : وهو البقاء على
الشهود له بعد الفناء عما سواه به ، مخلياً من نظرك شهود نفسك وعملك ونفس غيرك من
الكائنات وإن كنت كائناً فيها »([30])
.
ويقول : « البقاء : قيام الأوصاف
المحمودة »([31])
.
يقول
: « البقاء : هو تكرر الوجود ، والوجود يستلزم صفة مميزة وصفة مخصصة
وصفة مؤثرة وهي العلم والإرادة والقدرة . والبقاء الذي هو ثمرة إعطاء الرزق يقتضي
عرفاً ثبوت السمع والبصر والكلام ، إذ لابد للرزق من البصر يرى حاجة المرزوق إن لم
يطلب ، ومن السمع لتسمع كلامه إن طلب ، ومن الكلام ليتكلم مع الواسطة إن كانت وهذه
الست تستلزم السابعة التي هي الحياة »([32])
.
يقول : « البقاء : هو بقاء وجود
السالك في السير والانتقال بعد فناء الموانع النفسانية عند الإقبال ، بقاء المشهود
بفناء الشاهد »([33])
.
تقول الدكتورة
سعاد الحكيم :
تبرز صعوبة
خاصة في بحث المصطلحات التي توقف عندها كل من سلك
طريقهم [لصوفية ] فغصت بها كتبهم ، أمثال : الرسالة ، واللمع ، والتعرف ومنازل السائرين ، وعوراف المعارف ... وذلك لأن ابن عربي استعملها بمفهومها القديم ثم توقف عندها لينظر إليها من زاوية أخرى ، زاوية تتلائم وتكوينه الفكري ، فاكتست بالتالي خلعة مميزة شخصية تخصه .
طريقهم [لصوفية ] فغصت بها كتبهم ، أمثال : الرسالة ، واللمع ، والتعرف ومنازل السائرين ، وعوراف المعارف ... وذلك لأن ابن عربي استعملها بمفهومها القديم ثم توقف عندها لينظر إليها من زاوية أخرى ، زاوية تتلائم وتكوينه الفكري ، فاكتست بالتالي خلعة مميزة شخصية تخصه .
· لم يعرف التصوف القديم الفناء والبقاء تعريفاً ماهوياً ، بل كانت
تعريفاته منصبة على الإضافات مثلاً : الفناء هو الفناء عن كذا وكذا . والبقاء هو
البقاء بكذا وكذا .
فتعريف الفناء تعدد للفاني من الصفات ،
والبقاء تعدد للباقي منها .
وهكذا كانت النظرة إلى الفناء والبقاء
نظرة إضافة لا إطلاق ، يضاف إلى ذلك أنهما حالان متتاليان : بقاء بعد فناء .
ولم ينج ابن عربي من هذه النظرة إلى
البقاء ، وإن كان لم يتوقف عندهما ، بل لم يلبث أن تخطاها إلى تعريف ماهوي للبقاء
، سنحدده في النقطة الثانية ، يقول ابن عربي :
« الفناء والبقاء : فالفنا ([34]) أن تفنى الخصال المذمومة عن
الرجل ، والبقا أن تبقى وتثبت الخصال المحمودة في الرجل ، فالسالكون يتفاوتون في
الفناء والبقاء ، فبعضهم فني عن شهوته ، يعني ما يشتهيه من الدنيا ، فإذا فنيت
شهوته ، بقيت فيه نيته واخلاصه في
عبوديته ، ومن فني عن أخلاقه الذميمة كالحسد والكبر والبغض وغير ذلك ، بقي في الفتوة والصدق ... »([35]) ...
عبوديته ، ومن فني عن أخلاقه الذميمة كالحسد والكبر والبغض وغير ذلك ، بقي في الفتوة والصدق ... »([35]) ...
· الفناء والبقاء حالان
مرتبطان متلازمان يكونان للشخص الواحد في زمان واحد ولكنه من نسبتين مختلفتين :
فالفناء نسبة الشخص إلى الكون .
والبقاء نسبته إلى الحق .
البقاء نسبة لا تزول وهي نعت إلهي في
مقابل الفناء ( نسبة تزول وهي نعت كياني ) ، يقول ابن عربي :
« ... إن البقاء نسبة لا تزول ولا تحول
، حكمه ثابت حقاً وخلقاً ، وهو نعت إلهي ، والفناء نسبة تزول وهو نعت كياني »([36]) ...
· يفسر ابن عربي الفناء
والبقاء في ضوء نظريته : الخلق الجديد ... يقول :
« فإنهم يرون ( أهل الكشف ) أن الله
يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي ، ويرون أيضاً شهوداً أن كل تجل يعطي خلقاً
جديداً ويذهب بخلق ، فذهابه هو عين الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي
الآخر »([37]) .
ولكن الخلق الجديد الذي ربط به ابن عربي
الفناء والبقاء ليس قصراً على المتصوفة ، بل هو منسحب على كل الجنس البشري ، بل
على كل المخلوقات يتساوى فيه الجميع . فأين فناء وبقاء سالك المنازل من فناء وبقاء
الإنسان الحيوان ، والحيوان ، والجماد ؟! ([38]) .
يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي :
«
حقيقته [ البقاء ] : امناع ما استحال تقدم وجوده بعدم .
وغايته
: قيام لا يجول ، ودوام لا يزول في ظهوره
. وسوابقه في أوليته التي لا تتبدأ ، ولواحقه في آخريته التي لا تتناهى »([39])
.
يقول الشيخ عبد الله اليافعي :
«
حياة البقاء لا تحصل إلا بعد موت الفناء »([40])
.
يقول الشيخ عبد الله الهروي :
«
[ البقاء ] على ثلاث درجات :
الدرجة
الأولى : بقاء المعلوم بعد سقوط العلم ، عيناً لا علماً .
[
والدرجة الثانية ] : بقاء المشهود بعد سقوط الشهود ، وجوداً لا نعتاً .
[
والدرجة الثالثة ] : بقاء ما لم يزل حقاً بإسقاط ما لم يكن محواً »([41])
.
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
«
كل بقاء يكون بعده فناء لا يعول عليه »([42])
.
يقول
الشيخ الأكبر ابن عربي :
« إن البقاء الحاصل لأهل التمكين لا يكون إلا بقدر الفناء ، والرجوع
إلى الخلق لا يكون إلا على حسب العروج ، فالفناء التام والعروج الكامل لا يكون إلا
للقطب : الذي هو صاحب الاستعداد الكامل الذي لا رتبة إلا قد يبلغها ، ويلزم أن
يكون الرجوع التام الشامل لجميع تفاصيل الصفات عند البقاء له ، وهو الخاتم ولهذا
قال : ] كأن بنيان النبوة تم ورصف ، وبقي منه موضع لبنة واحدة
فكنت أنا تلك اللبنة [([43])
»([44])
.
[2]
- النحل : 96 .
[3]
- الشيخ حجازي الموصلي – مخطوطة الكوكب الشاهق الكاشف للسالك – ص 127 .
[4]
- الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي – طبقات الصوفية
– ص 378 .
[5]
- الشيخ السراج الطوسي – اللمع في التصوف – ص 341 .
[6]
- د . قاسم السامرائي - أربع رسائل في التصوف لأبي القاسم القشيري - ص 56 .
[8]
- الإمام الغزالي – إحياء علوم الدين – ج5 ص17 .
[9]
– الشيخ علي بن يوسف الشطنوفي – مخطوطة بهجة الأسرار ومعدن الأنوار - ص 277 .
[10]
- الشيخ عيسى الشيخ عبد القادر الكيلاني – مخطوطة جواهر الأسرار ولطائف الأنوار –
ورقة 39 ب .
[11]
- الشيخ عيسى الشيخ عبد القادر الكيلاني – مخطوطة جواهر الأسرار ولطائف الأنوار –
ورقة 39 ب .
[12]
- الشيخ ابن عربي - الفتوحات المكية – ج2 ص 133 .
[13]
- الشيخ ابن عربي - مخطوطة مراتب القرة في عيون القدرة – ورقة 29 أ ( بتصرف ) .
[14]
- الشيخ محمد بن وفا الشاذلي – مخطوطة دار المخطوطات العراقية - برقم ( 11353 ) -
ص 20 .
[15]-
الشيخ عبد الله اليافعي – نشر المحاسن الغالية في فضل المشايخ الصوفية أصحاب
المقامات العالية – ص121 .
[16]
– الشيخ محمد بن أحمد البسطامي – مخطوطة تذكرة المريد الطالب المزيد - ص 143 .
[17]
- الشيخ عبد اللطيف المقري القرشي – مخطوطة تحفة واهب المواهب في بيان المقامات
والمراتب – ورقة 219 أ .
[18]
- الشيخ أبو المواهب الشاذلي – قوانين حكم الإشراق – ص61 .
[20]
- الشيخ علي الكيزواني - مخطوطة زاد المساكين إلى منازل السالكين - ص 26 .
[21]
- الشيخ عبد الله خورد – مخطوطة بحر الحقائق – ص 76 .
[22]
- الشيخ حجازي الموصلي – مخطوطة الكوكب الشاهق الكاشف للسالك – ص 127 ( بتصرف ) .
[23]
- الشيخ أحمد السرهندي – مكتوبات الإمام الرباني - ج 1 ص 131 ( بتصرف ) .
[24]
- الشيخ عبد الرحمن السويدي - كشف الحجب المسبلة ، شرح التحفة المرسلة لحل غوامض
عبارات السادة الصوفية – ص 65 .
[25]
- الشيخ أحمد بن عجيبة – معراج التشوف إلى حقائق التصوف – ص 31 .
[26]
- الشيخ أحمد بن عجيبة – إيقاظ الهمم في شرح الحكم – ج 2 ص 235 .
[27] -
الشيخ أحمد بن عجيبة – معراج التشوف إلى حقائق التصوف – ص 31 .
[28]
- الشيخ عبيدة بن محمد بن أنبوجة التيشيتي – ميزاب الرحمة الربانية في التربية
بالطريقة التيجانية - ص 171 .
[29]
- الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي – جامع الأصول في الأولياء – ج3 ص 191 ( بتصرف
) .
[30]
- السيد محمود أبو الفيض المنوفي – معالم الطريق إلى الله – ص398 .
[31]
- المصدر نفسه – ص416
[32]
- الشيخ سعيد النورسي – إشارات الإعجاز ومظان الإيجاز – ص32 .
[33]
- عبد الرزاق الكنج – شيخ التمكين سيدي أحمد عز الدين الصياد الرفاعي – ص 119 .
[34]
- في الأصل : فالفنى .
[35]
- الشيخ ابن عربي – مخطوطة كتاب الإرشاد – ورقة 148 ب .
[36]
- الشيخ ابن عربي - الفتوحات المكية – ج2 ص 515 .
[37]
- الشيخ ابن عربي – فصوص الحكم – ج1 ص 126 .
[38]
- د . سعاد الحكيم – المعجم الصوفي – ص 202 – 204 ( بتصرف ) .
[39]
- الشيخ محمد بن وفا الشاذلي – مخطوطة دار المخطوطات العراقية - برقم ( 11353 ) -
ص 20 .
[40]
- الشيخ عبد الله اليافعي - نشر المحاسن الغالية في فضل المشايخ الصوفية أصحاب
المقامات العالية – ص 109 .
[42]
- الشيخ ابن عربي - رسالة لا يعول عليه – ص 8 .
[43]
- صحيح مسلم ج: 4 ص: 1790 ، انظر فهرس
الأحاديث .
[44]
- الشيخ ابن عربي - تفسير القرآن الكريم – ج1 ص 626 .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar