«
البشر : الإنسان »([1])
.
وردت
هذه اللفظة في القرآن (37) مرة بصيغ مختلفة ، منها قوله تعالى :
] فاتَّخَذَتْ مِنْ دونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيّاً [([2]) .
] فاتَّخَذَتْ مِنْ دونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيّاً [([2]) .
البشر [ عند ابن عربي ] : هو اسم
اختص به الإنسان من بين جميع الكائنات وذلك لمباشرة الحق خلقه له بيديه ، فالبشر :
لمباشرة اليدين([3])
.
نقول : إن لفظة البشر يراد بها عندنا صنفان من الموجودات :
الصنف الأول : البشر بالأصالة : والمراد بهم آدم u وذريته المخلوقون من ماء وطين ، يقول تعالى :
]
وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنسان مِنْ
سُلالَةٍ مِنْ طينٍ [([4]) .
الصنف الثاني : البشر بالمثال : والمراد بهم الذين يتمثلون بصورة
البشر ويظهرون بخصائصهم الطينية نفسها إلا أنهم ليسوا من جنسهم وهم :
- الجن : والروايات على انتقال الجن وتصورهم بالصورة البشرية كثيرة .
- تجسد النور المحمدي وظهوره
بصورة الإنسان الكامل .
نقول : هذا المصطلح يطلق في فكرنا وعقيدتنا بالأصالة على النور المحمدي في مرحلة
( تجسده ) وظهوره بصورة الإنسان الكامل خلال البعثة الظاهرية . فقد ورد في القرآن
الكريم قوله تعالى : ]
قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ
نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ [([6]) ، والمراد بالنور هنا : كما ذهب كثير من العلماء والمفسرين والمشايخ
الكاملين هو حضرة الرسول الأعظم سيدنا محمد ، وقد تجسد بصورة البشر ، فكان من حيث الظهور
بشراً سوياً ، تنطبق عليه خصائص عالمنا في كثير من الأحيان .
ومن
حيث الأصل أو الذات هو نور منـزل ولهذا وصفناه بصفة ( بشر
لا بشر ) ، فبحسب الشق الأول من هذه العبارة أي كلمة ( بشر ) نفهم الآيات الكريمة في القرآن الكريم الدالة على بشريته كما في قوله تعالى : ] قُلْ إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [([7]) .
لا بشر ) ، فبحسب الشق الأول من هذه العبارة أي كلمة ( بشر ) نفهم الآيات الكريمة في القرآن الكريم الدالة على بشريته كما في قوله تعالى : ] قُلْ إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [([7]) .
ومن الشق الثاني
( لا بشر ) نفهم الآيات والأحاديث
النبوية والظواهر الدالة على نورانيته .
ومن حيث جمعية هذه
العبارة نفهم حقيقة نبينا محمد .
يقول
: « البشرية : هي مرآة الربوبية »([8])
.
يقول الشيخ الحسين بن منصور
الحلاج :
«
من ظن أن الإلهية تمتزج بالبشرية أو البشرية تمتزج بالإلهية فقد كفر ، فإن الله
تعالى تفرد بذاته عن ذوات الخلق وصفاتهم ، فلا يشبههم بوجه من الوجوه ، ولا
يشبهونه بشيء من الأشياء ، وكيف يتصور الشبه بين القديم والمحدث . ومن زعم أن
الباري في مكان ، أو متصل بمكان ، أو يتصور على الضمير ، أو يتخايل في الأوهام ،
أو يدخل تحت الصفة والنعت فقد أشرك »([9]) .
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
«
البشرية إذا استولت على الروحانية صارت كلها روحانية معنوية ، فلا ترى إلا المعاني
، ولا تحس إلا إياها »([10]) .
يقول : « صفات البشرية : هي لسان
الحجة على ثبوت صفات الصمدية »([11])
.
يقول : « بشرية النبي : إذا شارك الناس في البشرية والإنسانية من حيث
الصورة فقد باينهم من حيث المعنى ، إذ بشريته فوق بشرية الناس لاستعداد بشريته
لقبول الوحي : ] قُلْ إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [([12])
، أشار
إلى طرف المشابهة من حيث الصورة :
] يُوحَى إِلَيَّ [([13]) ، أشار إلى طرف المباينة من حيث المعنى »([14]) .
] يُوحَى إِلَيَّ [([13]) ، أشار إلى طرف المباينة من حيث المعنى »([14]) .
«
بَشَرَ الشخص بالخبر : فرح به .
بَشُرَ
الشخص : حَسُنَ وجَمُل .
بشارة
: خبر سار »([15])
.
وردت
هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 86 ) مرة بصيغ مختلفة ، منها قوله تعالى :
] لَهُمُ الْبُشْرى في الْحَياةِ الدُّنْيا وَفي الْآخِرَةِ لا تَبْديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ [([16]) .
] لَهُمُ الْبُشْرى في الْحَياةِ الدُّنْيا وَفي الْآخِرَةِ لا تَبْديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ [([16]) .
يقول
: « البِشر : هو إظهار السرور بمن يلقاه الإنسان من إخوانه وأودّائه
وأصحابه وأوليائه ومعارفه ، والتبسم عند اللقاء »([18])
.
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
«
كل خبر يؤثر وروده في بشرة الإنسان الظاهرة فهو خبر بشرى ، وذلك لا يكون إلا في
رجلين . إما في شخص يكون في قوة نفسه أن لا تتغير بشرته بما يتحقق كونه ، وأما شخص
غير مصدق بذلك الخبر من ذلك المخبر ، فلا يخلو هذا القوي النفس هل أثر ذلك الخبر
في باطنه أولم يؤثر ؟ فإن أثر خبر هذا المخبر في نفسه فهو أحد رجلين : إما عالم
محقق بوقوعه ، وأما مجوز . وإن لم يؤثر في نفسه فهو غير عالم ولا مصدق معاً ،
فيكون ذلك الخبر في حق الأول بشرى متعلقها الصورة المتخيلة في نفسه التي تأثرت
بهذا الخبر ، فلولم تقم بخياله تلك الصورة المضاهية للصورة الحسية لما كانت بشرى
في حقه ولا كانت تؤثر في باطنه سروراً ولا حزناً ، وإن لم يظهر ذلك في ظاهره . فلو
تجردت الأرواح عن المواد لما صحت البشائر في حقها ، ولا حكم عليها سرور ، ولا حزن
، ولكان الأمر لها علماً مجرداً من غير أثر . فإن الالتذاذ الروحاني : إنما سببه
إحساس الحس المشترك مما يتأثر له المزاج من الملائمة وعدم الملائمة وبالقياسات ،
وأما الأرواح بمجردها فلا لذة ولا ألم ، وقد يحصل ذلك لبعض العارفين في هذا الطريق
»([19])
.
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
«
البشرى بالأمن من مكر الله بطريق الكشف لا يعول عليها ، فإنها من علوم السر الذي
اختص الله بها »([20])
.
يقول الإمام القشيري
«
البشارة من الله تعالى على قسمين :
بشارة
بواسطة الملك ، عند التوفي : ] تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلّا تَخافوا
وَلا تَحْزَنوا وَأَبْشِروا بِالْجَنَّةِ [([21]) .
وبشارة
بلا واسطة بحسن التولي ، فعاجل بشارتهم بنعمة الله ، وآجل بشارتهم برحمة الله ،
وشتان ما هما !
ويقال
: البشارة بالنعمة والجنة : لأصحاب الإحسان ، والبشارة بالرحمة : لأرباب العصيان .
فأصحاب الإحسان صلح أمرهم للشهرة فأظهر أمرهم للملك حتى بشَّروهم جَهْراً ، وأهل
العصيان صلح حالهم للستر فتولى بشارتهم – من غير واسطة – سَّراً .
ويقال
: إن كانت للمطيع بشارة بالاختصاص ، فإن للعاصي بشارة بالخلاص . وإن كان للمطيع
بشارة بالدرجات ، فإن للعاصي بشارة بالنجاة .
ويقال
: إن القلوب مجبولة على محبة من يبشر بالخير ، فأراد الحق – سبحانه – أن تكون محبة
العبد له – سبحانه – على الخصوص ، فتولى بشارته بعزيز خطابه من غير واسطة ، فقال :
] يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ [([22]) …
ويقال
: بشر العاصي بالرحمة ، والمطيع بالرضوان ، ثم الكافة بالجنة ، فقدم العاصي في
الذكر ، وقدم المطيع بالبر . فالذكر قوله وهو قديم ، والبر طوله وهو عميم »([23])
.
[1]
- المعجم العربي الأساسي – ص156 .
[2]
- مريم : 17.
[3]
- د . سعاد الحكيم – المعجم الصوفي – ص 199 ( بتصرف ) .
[4]
- المؤمنون : 118 .
[5]
- مريم : 17 .
[6]
- المائدة : 15 .
[7]
- الكهف : 110
[8]
- الشيخ محمد بن المنور – أسرار التوحيد في شرح مقامات الشيخ أبو سعيد – ص357 .
[9] - الشيخ الحسين بن منصور الحلاج – الطواسين –
ص93 .
[10] - الشيخ أحمد بن عجيبة – إيقاظ الهمم في شرح
الحكم – ج2 ص 177 .
[11]
- الشيخ الحسين بن منصور الحلاج – الطواسين – ص 94 .
[12]
- الكهف : 110 .
[13]
- الكهف : 110 .
[14]
- الإمام الغزالي – معارج القدس في مدارج معرفة النفس – ص138 .
[15]
- المعجم العربي الأساسي – ص 156 .
[16]
- يونس : 64 .
[17] - السنن الكبرى ج: 6 ص: 223 .
[18]
- الشيخ ابن عربي – تهذيب الأخلاق - ص 15 .
[19]
- الشيخ ابن عربي - الفتوحات المكية – ج 3 ص 85 .
[20]
- الشيخ ابن عربي – رسالة لا يعول عليه – ص 12 .
[21]
- فصلت : 30 .
[22]
- التوبة : 21 .
[23]
- الإمام القشيري – تفسير لطائف الإشارات – ج 2 ص 16 .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar