يقول الإمام القشيري :
«
الظاهر بالعلو والرفعة ، والباطن بالعلم والحكمة ...
الظاهر
فلا خفاء في جلال عزه ، الباطن فلا سبيل إلى إدراك حقه...
الظاهر
بلا خفاء ، والباطن بنعت العلاء وعز الكبرياء ...
الظاهر
بالرعاية ، والباطن بالولاية ...
الظاهر
بالإحياء ، والباطن بالإماتة والإفناء ...
الظاهر
بلا اقتراب ، والباطن بلا احتجاب ...
الظاهر
بالأدلة ، والباطن بالبعد عن مشابهة الجملة ...
الظاهر
بالإنعام ، والباطن بالإكرام ...الظاهر بأن رعاك ، والباطن بأن كفاك ... ومن كان
الغالب على الظاهر فاشتغاله بشكر ما يجري في الحال من توفيق الإحسان وتحقيق
الإيمان وجميل الكفاية وحسن الرعاية .
ومن
كان الغالب على اسمه الباطن ، كانت فكرته في استبهام أمره عليه ، فيتعثر ولا يدري .. أفضلٌ ما يعامله به ربه أم مكر ما
يستدرجه به ربه ...
والظاهر
ليس يخفى عليه شيء من شأنهم ، وليس يدع شيئاً من إحسانهم ، والباطن يعلم ما ليس
لهم به علم من خسرانهم ونقصانهم فيدفع عنهم فنون محنهم وأحزانهم »([1])
.
ويقول الشيخ عبد السلام بن مشيش :
«
هو [ الله ] ظاهر في بطونه ، باطن في
ظهوره . فاسمه الظاهر يمحو ظهور السوى ويبطنه ، إذ لا ظاهر معه سبحانه وتعالى .
واسمه الباطن يقتضي ظهور تجلياته ، ليكون باطناً بالنسبة إلى حسها الظاهر ، فلو
بقي على ما كان عليه من البطون ، ما عرف ولا عبد ... هو الظاهر ، هو الباطن دون
غيره ، فكل ما ظهر فهو هو ، وكل ما بطن فهو هو.
أو
تقول : هو ظاهر كل ما بطن ، وباطن كل ما ظهر من الألوهية ، إذ لا شيء معه .
أو
تقول : هو الظاهر من جهة التعريف ، والباطن من جهة التكييف ، إذ كنه الربوبية لا
يكيف.
أو
تقول : ظاهر بقدرته باطن بحكمته أي سبب حكمته ، فقد أظهر الحكمة وأبطن القدرة »([2])
.
«
من أسمائه تعالى : الظاهر والباطن ، والظاهر هو العماء ، والباطن هو النفس
الرحماني . والعماء عن النفس ، فإن النفس لا صورة له كما هو في الشاهد ، ولا يدرك إذا تصور بصورة العماء ، فهو عينه لا غيره ، وإنما غايره بالصورة التي هي اعتبار محض والعماء عين العالم . فالباطن عين الظاهر ، والظاهر عين الباطن »([3]) .
الرحماني . والعماء عن النفس ، فإن النفس لا صورة له كما هو في الشاهد ، ولا يدرك إذا تصور بصورة العماء ، فهو عينه لا غيره ، وإنما غايره بالصورة التي هي اعتبار محض والعماء عين العالم . فالباطن عين الظاهر ، والظاهر عين الباطن »([3]) .
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
«
اجمع بين الظاهر والباطن ، يتضح لك سر الراحل والقاطن »([4])
.
[ تعليق ] :
علقت
الدكتورة سعاد الحكيم على هذا النص قائلةً :
«
يؤكد ابن عربي على علاقة الظاهر بالباطن ، فالعلاقة بينهما ليست علاقة مساواة كما
نرى عند معظم الدارسين ، إذ يقولون : إن الظاهر هو الباطن بل هي علاقة جمع . وهذا
ما يجعل ابن عربي مميزاً في عالم الفكر الصوفي . فعلى السالك أن يجمع بين الظاهر
والباطن حتى يكتمل له الفهم ، ولكنه مطالب بأن يقف مع الظاهر في كل الأحوال ، يقلد
ظاهر أقوال الواصلين حتى يتحقق بأحوالهم . فتعليم ابن عربي هنا يقتضي بأن لا يقتفي
السالك أثراً كلامياً دون تحقق علمي شرعي عقلي ، أو تحقق حالي باطني »([5])
.
ونقول : إن مقصود الشيخ ابن عربي بالجمع : هو جمع الغيرية لا جمع العينية
،
وبمعنى آخر : أن الظاهر هو عين الباطن من جهة ، ومن جهة أخرى هو
غيره . فجمع الغيرية هو إعطاء كل ذي حق حقه حكماً وعلماً ، إعطاء ( الراحل ) المتحرك الظاهر حقه شرعاً ، و ( القاطن ) الباطن المخفي حقيقة .
يقول الشيخ أبو طالب المكي :
«
الظاهر والباطن هما علمان أصلان ، لا يستغني أحدهما عن صاحبه ، بمنـزلة الإسلام
والإيمان ، مرتبط كل واحد منهما بالآخر كالجسم والقلب لا ينفك أحدهما من صاحبه »([6])
.
[ تعليق ] :
وقد
علق الباحث عبد القادر أحمد عطا على هذا النص قائلاً :
«
هذا هو مذهب الصوفية في علم الباطن والظاهر أو الشريعة والحقيقة ، فقد أجمعوا على
أن كل حقيقة لا تؤيدها الشريعة فهي باطلة ، ولا يقتدى بصاحبها ولو ظهرت عليه
الخوارق ، ولو طار في السماء أو مشى على الماء على حد تعبيرهم .
فعلم
الباطن : هو فقه أعماق علم الظاهر الذي هو الشريعة ، فالحج مثلاً . من قام به
متمماً شعائره كلها ، فقد أتى بعلم الظاهر .
ومن
فقه من الإحرام : التجرد لله إلا مما يحفظ شريعته من ستر العورة .
ومن
فقه من الطواف : الطواف حول عرش الرحمن والتشبه بالملائكة في الطاعة .
ومن
فقه من رمي الجمار : التهيؤ للذب عن محارم الله ، ورجم نفسه الأمارة .
من
فقه ذلك وغيره من الأسرار ، فقد أوتي حظاً من علم الباطن الذي لم تنفك عنه الشريعة
في أي مرحلة من مراحله »([7])
.
[1]
- الإمام القشيري – تفسير لطائف الإشارات – ج 6 ص 99 – 101 .
[2]
- الشيخ ابن عجيبة – شرح تصلية القطب ابن مشيش – ص 51 .
[3]
- الشيخ عبد القادر الجزائري – المواقف في التصوف والوعظ والإرشاد – ج 3 ص 1309 .
[4]
- د . سعاد الحكيم - الإسرا إلى المقام الأسرى – ص 114 .
[5]
- د . سعاد الحكيم - الإسرا إلى المقام الأسرى – ص 114 .
[6]
- الشيخ أبو طالب المكي – علم القلوب – ص 53 .
[7]
– الشيخ أبو طالب المكي – علم القلوب – ص 53 .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar