ABDUL HAMID MUDJIB HAMID BERSHOLAWAT

Senin, 11 Maret 2013

البلاء - الابتلاء و نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء وفي الاصطلاح الصوفي

-----------------------



« البلاء : الاختبار ، يكون بالخير والشر ، والله تعالى يبتلي العبد بلاء حسناً ويبليه بلاء سيئاً »([1])
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (38) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : ] وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليمٌ [([2]) .
عن سعد بن أبي وقاص ، قال : سئل النبي  : أي الناس أشد بلاء ؟
فقال : ] الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ثم يبتلي الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه ، ومن ضعف دينه ضعف بلاءه [ ([3]) .
تقديم لمصطلحي ( البلاء والابتلاء )
يقول الدكتور حسن شرقاوي :
«  يعبر لغوياً عن البلاء والابتلاء بمعنى : الاختبار والامتحان([4]) ، ويكون إما بالخير أو بالشر ، والنعمة والنقمة ، ويرى الصوفية أن الابتلاء هو امتحان واختبار من الله تعالى لعبده الصادق ليتعرف تعالى على مدى صدقه وإخلاصه في محبته له .
والابتلاء بهذا المعنى في قوله تعالى : ] إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ [([5]) ، وكذلك قوله تعالى : ] وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما في صُدورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما في قُلوبِكُمْ [([6]) ، كما أن الابتلاء بمعنى البلاء الحسن ، أي : النصر من عند الله تعالى ، فالله يختبر عبده المخلص ليظهر كيف يكون حاله بعد البلاء ، وذلك في قوله تعالى : ] وَلِيُبْلِيَ الْمؤْمِنينَ مِنْهُ بَلاءً
حَسَناً
[ ([7]) ، وكما في قوله تعالى : ] هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنونَ وَزُلْزِلوا زِلْزالاً شَديداً [([8]) ، وهذا البلاء يعني أيضاً اختبار الله تعالى للمؤمنين ، حتى يظهر صدقهم وإخلاصهم وتوكلهم على الله في كل الأمور ، كما جاء في الآية الكريمة ] وَفي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظيمٌ  [([9]) .
أما الابتلاء بمعنى النعمة والمنّة الإلهية والعطايا الربانية فإنما هي مذكورة في الآية الكريمة في قوله تعالى : ] خَلَقْنا الإنسان مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَليهِ فَجَعَلْناهُ سَميعاً بَصيراً  [([10]) وقوله عز من قائل : ] فَأَمّا الإنسان إذا ما ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقولُ رَبّي أَكْرَمَنِ [([11]) .
فالابتلاء هو نوع من التجارب التي يمر بها السالك إلى الله ، سواء كان خيراً أو شراً ، نعمة أو نقمة ، يمتحن بها الله عباده ، وينعم عليهم ، وإن أكثر الخلق وأعظمهم ابتلاء هم الأنبياء  . وإن الرسول محمد  أكثر الأنبياء بلاء من الله ، وتأييداً لذلك قولـه  : ] نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء [([12]) .
ويجوز أن يكون البلاء من الله مالاً يغدق على أحدهم ، كما يجوز أن يكون نقصاً في المال والولد ، أو جوعاً وخوفاً وحرماناً ، وذلك كما في الآية الكريمة : ] وَنَبْلوكُمْ بِالشَّرِّ والْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعونَ [([13]) ، فإذا ابتلي الإنسان بالشر ولم يكن صابراً مجاهداً راضياً ، اعترض على ابتلاء الله وخرج عن طريق الطاعة والإخلاص فسقط وانتكس وأصبح من الخائبين ، فلو صبر على ما ابتلاه الله به ورضي بما قسم له لأنعم الله عليه بنعمة من عنده ورحمة ورضوان ، ووصل إلى منتهى غاية السالكين .
وكذلك يبتلي الله بعض الزهاد والعباد والنساك بالخير الوفير ليعلم مدى إخلاصهم ، وهل يزدهم من الله إيماناً وورعاً وصدقاً ؟ أم إنهم سيفتنون بهذه الخيرات الزائلة فيقعون في حبائل الشيطان ويكفروا بالله ويبتعدوا عن طريق الحق ؟
والمعروف أن الزهد بالمعنى الصوفي هو أن يكون عندك المال والجاه ، وتزهد فيه ، وليس الزهد أن لا يكون عندك فتزهد ، لأن الزهد في حقيقته هو غنى النفس عن متاع الدنيا وإقبال على الله في احتياج وفقر دائم .
فالابتلاء زهد مع الغنى بهذا المعنى ، لأنه لو زاد المال أو نقص فإن الزاهد لا يهتم بزيادته أو نقصانه ، وإنما جل اهتمامه بالله تعالى ، بالحاجة إليه على الدوام ، وبالاحتياج إليه على الاستمرار ، فالمريد الصادق يحذر في الابتلاء من الاعتراض على الله أو الرضا عن نفسه خوفاً في الوقوع في الضلالات والانتكاس ، لأنه يعلم أن الله سبحانه وتعالى يجرب عباده المخلصين منهم وغير المخلصين ، والصابرين وغير الصابرين ، والمجاهدين وغير المجاهدين ، تأييداً لقوله تعالى : ] وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدينَ مِنْكُمْ والصّابِرينَ وَنَبْلُوَ أَخْبارَكُم  [([14])
ويرى الإمام عبد القادر الكيلاني  : إنه لولا الابتلاء والاختبار لادعى الولاية خلق كثير ولذلك قال بعضهم : وُكِّل البلاء بالولاية كي لا تدعى ، وأن علامة الصحة في الولاية ، الصبر على الأذى ، والتجاوز عن إذى الخلق ، فالأولياء يتعامون عما يرون من الخلق ، فلا يضحك في وجه الفاسق إلا العارف بالله ولا يتحمل إذاه ولا يقدر عليه إلا الأولياء »([15]) .
الشيخ الحارث بن أسد المحاسبي 
يقول : « بلية العبد : تعليل القلب عن الله تعالى ، فتحدث الغفلة في القلب »([16]) .
يقول : « البلاء : باب بين أهل المعرفة وبين الحق U »([17]) .
يقول : « البلاء : هو سراج العارفين ، ويقظة المريدين ، وهلاك الغافلين »([18])  .
ويقول : « البلاء : هو الغفلة عن المبلي »([19]) .
يقول : « البلاء : هو التقليب في أحواله وشواهده ، وشواهد التحقيق إلى أن يفنى من التقلب في صفاته فيستريح . فمن تقلب في شواهد التحقيق ، فهو في بلاء حتى يتقلب
بالحق ، فالحق إذ ذاك يتولاه بنفسه ، فيسقط عنه البلاء ورؤيته . فإن من صحب الأحوال فهو قدره ، ومن صحب الحق فهو حقه »([20]) .
يقول : « البلاء : هو سمة الولاء ، فمن تم بلاؤه صح ولاؤه .
[ وهو ] : عطية لأهل الخطية .
[ وهو ] : تحفة من الحق ، وزلفة لأهل الصدق .
[ وهو ] : مطية الأحباب ، وعطية المصاب .
[ وهو ] : تأديب للاغيار ، وتقريب للأخيار »([21]) .
يقول : « البلاء : هو ريحان أرواح العارفين »([22]) .
الابتلاء : هو التكليف ([23]) .
 يقول : « البلاء : هو سوط من سياط الله ، يسوق به عباده إليه ، لتصفيتهم عن صفات نفوسهم ، وإظهار ما فيهم من الكمالات ، وانقطاعهم عنده من الخلق ، ومن النفس إلى الحق ، ولهذا كان متوكلاً بالأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل »([24]) .
يقول : « البلاء : هو تأديب من الله تعالى »([25]) .
 يقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
« الابتلاء أصله الدعوى ، فمن لا دعوى له لا ابتلاء يتوجه عليه ، ولهذا ما كلفنا الله حتى قال لنا : ] أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ [([26]) ، فقلنا : ] بَلى [([27]) ، فأقررنا بربوبيته علينا . وإقرارنا بربوبيته علينا عين إقرارنا بعبوديتنا له ، والعبودية بذاتها تطلب طاعة السيد ، فلما ادعينا ذلك حينئذ ، كلفنا ليبتلي صدقنا فيما ادعيناه »([28]) .


[1] - ابن منظور – لسان العرب – ص 264 .
[2] - الأنفال : 17 .
[3] - صحيح ابن حبان ج 7 ص 183 .
[4] - معجم ألفاظ القرآن الكريم – ( التراث للجميع ) المجمع اللغوي – ج1 ص 125 .
[5] - القلم : 17 .
[6] - آل عمران : 104 .
[7] - الأنفال : 17 .
[8] - الأحزاب : 11 .
[9] - البقرة : 49 .
[10] - الإنسان : 2 .
[11] - الفجر : 15 – 16 .
[12] - الأحاديث المختارة ج: 3 ص: 252  .
[13]- الأنبياء : 35 .
[14] - محمد : 31 .
[15] - د . حسن الشرقاوي – معجم ألفاظ الصوفية – ص 19 – 21 .
[16] - الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي – جامع الأصول في الأولياء – ج 2 ص 84 .
[17] - الشيخ سهل بن عبد الله التستري – تفسير القرآن العظيم – ص 110 0
[18] - الشيخ أبو النجيب السهروردي – مخطوطة آداب المريدين – ص 60 .
[19] - الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي – حقائق التفسير – ص 1166 .
[20] - المصدر نفسه – ص 1165 .
[21] - د . قاسم السامرائي - أربع رسائل في التصوف لأبي القاسم القشيري - ص 66 .
[22] – الشيخ علي بن يوسف الشطنوفي – مخطوطة بهجة الأسرار ومعدن الأنوار - ص 136 .
[23] - الإمام فخر الدين الرازي – التفسير الكبير – ج 2 ص 439 ( بتصرف ) . 
[24] - الشيخ ابن عربي – تفسير القرآن الكريم – ج1 ص 229 .
[25] - الإمام أحمد بن قدامة المقدسي مختصر منهاج القاصدين ص 372 .
[26] - الأعراف : 172 .
[27] - الأعراف : 172 .
[28] - الشيخ ابن عربي – الفتوحات المكية – ج 3 ص 284 – 285 .
 


Tidak ada komentar:

Posting Komentar